"إيترنيتي سي".. مأساة بحرية تتجاوز الغرق إلى جريمة حرب مكتملة الأركان

  • عدن، الساحل الغربي:
  • 07:08 2025/07/29

تحوّل استهداف السفينة التجارية "إيترنيتي سي" في مياه البحر الأحمر إلى واحدة من أكثر الحوادث فداحةً منذ تصاعد الهجمات على الملاحة الدولية، بعدما غرقت إثر هجوم مزدوج شنّته مليشيا الحوثي، ثم أعقبته باحتجاز طاقمها وعرضهم في مشاهد وُصفت بأنها "مهينة وتستبيح الكرامة الإنسانية" في ظل إدانات حقوقية ودولية اعتبرت ما حدث انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني.
 
ففي الثامن من يوليو الجاري، تعرضت السفينة لقصف مباشر بصواريخ بحرية وزورق مفخخ، بحسب ما أعلنته بعثة "أسبيدس" الأوروبية لحماية الملاحة.. وبعد يومين من الهجمات المستمرة اضطر الطاقم المؤلف من 25 شخصاً (بينهم 21 فلبينياً و3 من جنسيات روسية وهندية ويونانية) للتخلي عن السفينة، التي سرعان ما ابتلعها البحر الأحمر؛ وأكدت البيانات الأولية وفاة أربعة على الأقل، بينما اعتُبر أكثر من 15 شخصاً في عداد المفقودين.
 
لكن المأساة لم تنتهِ، حيث بثّت مليشيا الحوثي مؤخراً مقطعاً مصوراً زعمت فيه "إنقاذ" 11 من البحارة –بينهم اثنان مصابان– إضافة إلى جثة أحد الضحايا. المشاهد أظهرت الناجين في أوضاع مأساوية، بعضهم مُقعدون على أسرّة طبية وآخرون يتلقون إسعافات أولية، في بيئة تفتقر للحد الأدنى من الكرامة والخصوصية؛ وأثار المقطع سخطاً واسعاً خصوصاً بعد ظهور أحد البحارة –يُعتقد أنه كهربائي روسي– بجروح خطيرة وقد بُترت ساقه، في مشهد وصفه محللون بـ"الدعائي الصادم".
 
هذه اللقطات التي ظهرت وكأنها محاولة لتبرير الهجوم وإظهاره كـ"عمل بطولي" لاقت إدانة واسعة، واعتُبرت (استغلالاً دعائياً لقضية مشروعة لتحقيق أهداف مليشياوية بحتة).
 
ووصفت منظمات حقوقية من بينها هيومن رايتس ووتش، الحادثة بأنها "جريمة حرب" مؤكدة أن استهداف مدنيين واختطافهم يشكل انتهاكاً فادحاً للقانون الدولي الإنساني، فيما اعتبرت المنظمة البحرية الدولية (IMO) أن ما حدث يمثل "تهديداً جسيماً للملاحة الدولية وانتهاكاً خطيراً للقانون البحري" محذّرة من تداعيات بيئية وأمنية واسعة.
 
من جانبها أعلنت الحكومة الفلبينية مقتل ثلاثة من رعاياها وفقدان 13 آخرين، مؤكدة فتح تحقيق رسمي ومطالبة المجتمع الدولي بتحرك عاجل؛ كما أدان المطران الفلبيني "روبرتو" ما وصفه بـ"الاستغلال البشع لمعاناة الأبرياء"، مشدداً على أن سلامة البحارة "لا يجب أن تُستخدم كورقة مساومة سياسية".
 
أما الولايات المتحدة، فقد اعتبرت الهجوم "عملية خطف مباشرة"، وتوعدت بالرد لحماية حرية الملاحة، في وقت يواصل فيه الحوثيون التلويح بـ"المرحلة الرابعة" من عملياتهم المزعومة ضد السفن المتعاملة مع الكيان، وهو ما وصفه محللون بأنه "غطاء دعائي لانتهاكات ممنهجة بحق أهداف مدنية لا صلة لها بالنزاع".
 
ووسط هذا التصعيد تتسع دائرة الضحايا وتتآكل الثقة العالمية في أمن الممرات البحرية، فيما يكتفي المجتمع الدولي بإدانات لا تتجاوز عتبة التنديد، أمام سلوك حوثي ممنهج يعيد إنتاج الكارثة في مشاهد مروعة، ويحوّل شعارات "نصرة غزة" إلى ذرائع لممارسات خارجة عن القانون.

ذات صلة