الحوثيون يصعدون ضد الأمم المتحدة باقتحامات واختطافات تهدد العمل الإنساني في اليمن

- عدن، الساحل الغربي:
- 07:10 2025/09/03
شهدت مناطق سيطرة الحوثيين، خلال الأيام الماضية، تصعيداً غير مسبوق من قبل مليشيا الحوثي، تمثل في اقتحام مقرات تابعة للأمم المتحدة واختطاف عشرات الموظفين الأمميين، في خطوة أثارت موجة إدانة واسعة دولياً، وطرحت تساؤلات حول مستقبل العمل الإنساني في بلد يواجه واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
الأحد الماضي، داهمت عناصر حوثية مسلحة مقر برنامج الأغذية العالمي في صنعاء، واحتجزت 11 موظفاً، بينهم مسؤولون عن الأمن وتكنولوجيا المعلومات وإدارة البرامج؛ وبالتزامن، اختطفت المليشيا أربعة من موظفي منظمة اليونيسف، بينهم نائبة ممثل المنظمة في اليمن - الأردنية لونا شكري، التي لا تزال رهن الاحتجاز والتحقيق منذ ثلاثة أيام.
لم يتوقف الأمر عند صنعاء، إذ امتدت الاختطافات إلى محافظة الحديدة، حيث اختُطف ثلاثة من موظفي برنامج الأغذية العالمي، بالإضافة إلى خمسة موظفين سابقين بالأمم المتحدة؛ ووفق مصادر حقوقية وإعلامية، ارتفع عدد المختطفين إلى أكثر من 16 موظفاً خلال 72 ساعة فقط، بينهم كوادر بارزة.
وكشفت مصادر حكومية أن الحوثيين صادروا أجهزة وهواتف الموظفين المحتجزين، وأجبروهم على توقيع تعهدات بعدم السفر دون إذن مسبق، في انتهاك صارخ للقوانين الدولية؛ ووصف وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، هذه الممارسات بأنها حملة مسعورة ضد العمل الإنساني، محملاً الجماعة المسؤولية الكاملة عن سلامة المختطفين.
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أدان بشدة ما يجرى، معتبراً أن الاحتجاز التعسفي واقتحام المباني الأممية تصعيد غير مقبول يقوض العمل الإنساني؛ بدوره، أبدى المبعوث الأممي هانس غروندبرغ تضامنه مع المختطفين وعائلاتهم، مذكّراً بأن 23 موظفاً أممياً آخرين ما يزالون محتجزين لدى الحوثيين منذ سنوات، أحدهم توفي تحت التعذيب مطلع العام الجاري.
من جانبها، وصفت مديرة برنامج الأغذية العالمي سيندي ماكين، الاقتحامات بأنها غير مقبولة إطلاقاً، مؤكدة أن سلامة الموظفين تبقى أولوية قصوى؛ الاتحاد الأوروبي وفرنسا انضما إلى الإدانات، واعتبرا أن هذه الانتهاكات تمثل عرقلة مباشرة لجهود السلام وعمليات الإغاثة المنقذة للحياة.
الحكومة اليمنية طالبت الأمم المتحدة بنقل مكاتبها إلى العاصمة المؤقتة عدن، حيث يمكنها العمل بعيداً عن ضغوط وابتزاز الحوثيين.. وزارة التخطيط والتعاون الدولي أكدت أن الانتهاكات الحوثية تشكل خرقاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني، وتعرقل وصول المساعدات إلى ملايين اليمنيين.
ويرى محللون أن هذا التصعيد الحوثي جاء عقب الغارة الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت وزراء بارزين في حكومتهم غير المعترف بها، وهو ما دفع الجماعة إلى استخدام موظفي الأمم المتحدة كورقة ابتزاز في مواجهة المجتمع الدولي.
وأشار تقرير صادر عن مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات الأمريكية إلى أن ضعف موقف الأمم المتحدة وتراخيها في مواجهة الانتهاكات السابقة شجع الحوثيين على تحويل العاملين الإنسانيين إلى "رهائن سياسية"، في إطار سياسة ممنهجة لفرض السيطرة على المساعدات الإنسانية وتوظيفها لتمويل جبهات القتال.
تضع أزمة احتجاز موظفي الأمم المتحدة المجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي، إذ لم تعد القضية مجرد حوادث، لكنها جزءاً من استراتيجية حوثية تهدد بإنهاء الوجود الأممي في مناطق سيطرتهم.. استمرار هذه الممارسات قد يؤدي إلى قطع شريان المساعدات الأخير الذي يعتمد عليه ملايين اليمنيين، وهو ما ينذر بتفاقم الكارثة الإنسانية في البلاد.