اقتصاد الظل الحوثي: 20 مليار دولار منهوبة تموّل الحرب وتفقر اليمنيين

  • عدن، الساحل الغربي:
  • 10:52 2025/07/21

في سلسلة معلوماتية صادمة، أماط وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني اللثام عن الوجه الخفي للاقتصاد الموازي الذي تديره مليشيا الحوثي في مناطق سيطرتها، مشيراً إلى نهب ممنهج لأموال الدولة والمواطنين تجاوزت قيمته 20 مليار دولار، في حين حُرم ملايين اليمنيين من رواتبهم وخدماتهم الأساسية للعام العاشر على التوالي.
 
في أربعة أجزاء رسم الوزير الإرياني خارطة متكاملة لاقتصاد الحرب الحوثي، من السطو على خزائن الدولة إلى تجارة النفط غير الشرعية، مروراً بالجبايات التعسفية، والسيطرة على الموانئ، مؤكداً أن هذه الجرائم تمثل "نموذجاً للإثراء غير المشروع وتمويل الإرهاب".
 
في الجزء الاول من السلسلة: السطو على خزائن الدولة... والنهب بالمليارات
 
منذ انقلابها على الدولة في سبتمبر 2014، استولت مليشيا الحوثي على المؤسسات المالية في صنعاء، وبدأت عملية نهب منظم شملت:
 
– 5 مليارات دولار من احتياطي البنك المركزي من العملة الصعبة.
 
– 2 مليار دولار من الوديعة السعودية لدعم الاقتصاد.
 
– أكثر من 400 مليار ريال يمني من خزينة الدولة.
 
– 5 تريليونات ريال يمني من أذون الخزانة والسندات، بما يعادل 9 مليارات دولار.
 
كما استولت على أموال التأمينات الاجتماعية المخصصة للمتقاعدين:
 
– أكثر من 23 مليار ريال من حسابات المؤسسة العامة للتأمينات.
 
– نحو 1.2 مليار ريال من أرصدة الهيئة العامة للتأمينات.
 
وتضمنت عمليات النهب أيضاً:
 
– قطع رواتب 1.5 مليون حالة ضمان اجتماعي.
 
– نهب 535 مليون دولار من المساعدات المقدمة من السعودية والولايات المتحدة لصالح الضمان.
 
كل هذه الأموال وفق الإرياني، لم تترجم إلى رواتب أو خدمات، ولكن جرى توجيهها لتمويل آلة الحرب وشراء الولاءات وتجنيد الأطفال، في ظل ما وصفه بـ"تجريف شامل لمقدرات الدولة"، وهو ما أدى إلى انهيار اقتصادي شامل، وتضخم وبطالة، وانعدام الثقة في مؤسسات الدولة
 
 
الجبايات والضرائب: إفقار المواطنين وتمويل آلة القمع
 
أما في الجزء الثاني، فضح الإرياني سياسات الحوثيين في فرض الجبايات غير القانونية تحت لافتة "المجهود الحربي"، مشيراً إلى أن المليشيا أنشأت شبكة واسعة لابتزاز المواطنين والتجار والمستوردين تحت مسميات وهمية مثل "النظافة" و"التحسين" و"زكاة الخُمس"، تشمل:
 
– ضرائب مضاعفة في ميناء الحديدة تجاوزت 790 مليون دولار في عام.
 
– أكثر من 3.4 تريليون ريال يمني جُمعت من نقاط الجمارك الداخلية خلال عام.
 
– فرض إتاوات على المدارس، والمستشفيات، والأسواق، ووسائل النقل وحتى الباعة المتجولين.
 
– جبايات إجبارية باسم "المجهود الحربي" و"المناسبات الدينية" و"زكاة الخُمس".
 
– إتاوات المناسبات الطائفية: جُمعت ملايين الدولارات في أكثر من 17 فعالية دينية وطائفية.
 
– كما تفرض المليشيا "تبرعات إجبارية" لصالح حزب الله وأذرع إيران في المنطقة، في استغلال صارخ لفقر اليمنيين.
 
هذه السياسات أدت إلى إفلاس مئات الشركات، وشلل الاقتصاد، وارتفاع معدلات الفقر والمعاناة، وإفلاس آلاف المشاريع التجارية في المناطق الخاضعة للمليشيا.
 
 
موانئ الحديدة: من بوابات تجارية إلى "حصالة حرب"
 
الجزء الثالث من السلسلة ركز على موانئ الحديدة الثلاثة (الحديدة، ورأس عيسى، والصليف)، والتي تحولت إلى مصدر تمويل رئيسي للمليشيا، حيث:
 
– تجني المليشيا بين 1.5 إلى 2 مليار دولار سنوياً من الرسوم الجمركية والضريبية.
 
– فرضت إتاوات باهظة على دخول السلع والمشتقات النفطية، خلافاً لاتفاق ستوكهولم الذي ينص على تخصيص الإيرادات لمرتبات الموظفين.
 
– بيع النفط في السوق السوداء.
 
– تجاهلت الالتزامات والاتفاقات، ووجهت الإيرادات لتمويل الهجمات البحرية وشراء السلاح.
 
وأشار الإرياني إلى أن المليشيا استخدمت هذه العائدات لتهديد الملاحة الدولية وتعزيز قدراتها العسكرية، بينما ارتفعت أسعار السلع في مناطق سيطرتها بنسبة تجاوزت 40%.
 
 
تجارة المشتقات النفطية: "شريان الانقلاب" الأخطر
 
الجزء الرابع تناول تجارة النفط والغاز، التي وصفها الإرياني بأنها "الركيزة المالية الأخطر" لاقتصاد الحوثي، حيث:
 
– تحقق المليشيا عائدات سنوية بين 2.5 إلى 3 مليارات دولار.
 
– تفرض 120 دولاراً رسوماً على كل طن مستورد.
 
– تحصل على شحنات مجانية من إيران وتبيعها في السوق المحلي بأسعار مضاعفة.
 
– تجني مئات الملايين عبر السوق السوداء.
 
– احتكار التوزيع وخلق أزمات سوقية لاستغلال اليمنيين وزيادة الأرباح.
 
وخلال الفترة من مايو 2023 حتى يونيو 2024، جنت المليشيا:
 
– 332.6 مليون دولار من البنزين.
 
– 173.9 مليون دولار من الديزل.
 
– 95.7 مليون دولار من الغاز.
 
وكانت النتيجة، ارتفاع أسعار الوقود بنسبة 100% في مناطق سيطرة الحوثي مقارنة بالمناطق المحررة، أدى إلى إغلاق المصانع والمزارع وارتفاع البطالة وانهيار معيشي واسع النطاق.
 
وفي تصريح خاص لـ"الساحل الغربي"، أكد الوزير معمر الإرياني أن ما تم كشفه يمثل "رأس جبل الجليد"، مؤكداً استمرار العمل على كشف المزيد من ملفات الفساد والنهب في إطار حملة وطنية وإعلامية تهدف إلى تجفيف منابع تمويل الحوثي، ودعم جهود استعادة الدولة ورفع المعاناة عن اليمنيين.
 
كما دعا إلى تحرك دولي عاجل يشمل:
 
– إغلاق موانئ الحديدة أمام التجارة غير المنظمة وتحويلها إلى الموانئ المحررة في مناطق الحكومة الشرعية.
 
– تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية ومحاكمة قادتهم كمجرمي حرب.
 
– تشديد الرقابة على السفن القادمة، لمنع تهريب الوقود الإيراني.
 
إمبراطورية نهب تُطيل أمد الحرب...
تكشف هذه السلسلة أن مليشيا الحوثي أسست اقتصاداً موازياً قائماً على النهب والجباية والسيطرة على مفاصل الدولة، بينما يتكبد المواطن الكلفة الكاملة: (جوع، وحرمان، وقهر يومي).
 
ومع كل دولار يُنهب، وكل لتر وقود يُباع بثلاثة أضعاف سعره، تتضاءل فرص السلام، ويتعمق الجرح اليمني، وهو ما يجعل قطع شرايين هذا الاقتصاد الحربي شرطاً لا غنى عنه لإنهاء الحرب واستعادة الدولة.

ذات صلة