أنوثة مصلوبة على حائط الزينبيات.. خارطة القمع الحوثي للمرأة اليمنية

- صنعاء، الساحل الغربي:
- 11:45 2025/07/20
ليس من السهل أن تُولد أنثى في مناطق سيطرة الحوثي.. فبمجرد أن تتجاوز سنوات الطفولة الأولى، تبدأ حرب خفية على تفاصيلها اليومية: ملابسها، صوتها، تفكيرها، وحتى ضحكتها.
لم يعد الزي المدرسي مجرد قطعة قماش بل صار واجهة لصراع هوية، وجبهة صامتة في معركة أيديولوجية تستهدف الفتيات في سنواتهن الأولى، بينما تتحوّل "الزينبيات" إلى أداة قمع تمسك بخيوط الانضباط المفروض، وتمتد يدها إلى كل ركن في حياة اليمنيات.
في العاصمة صنعاء فرضت مليشيا الحوثي قرارات تلزم الطالبات –خصوصاً في المرحلتين الابتدائية والأساسية– بارتداء "الشادور" الإيراني، بدلاً عن الزي المدرسي المعتمد.. هذا القرار الصادم ترافق مع تهديدات مباشرة، منها الحرمان من الامتحانات والنقل القسري لطالبات لا يلتزمن بالزي الطائفي المفروض.
مصادر تربوية أفادت أن مدارس مثل "زينب الكبرى" و"نور الهدى" و"حفصة الأساسية"، شرعت بتنفيذ القرار على الفور، ومنعت دخول أي طالبة لا ترتدي الشادور، في ظل استياء واسع بين أولياء الأمور والكوادر التعليمية، الذين اعتبروا الإجراء محاولة لسلخ الهوية الثقافية والتعليمية للمجتمع.
بالتوازي مع فرض الشادور، كثّفت مليشيا الحوثي نشاط "الزينبيات" وهو الذراع الأمني النسائي الذي بات يقوم بأدوار متعددة، من التجسس على الطالبات والنساء في التجمعات إلى الضغط على الأمهات لإرسال أطفالهن إلى المعسكرات الصيفية أو جبهات القتال، مستخدمين مزيجاً من الترهيب والترغيب.
وبحسب مصادر أمنية وتقارير إعلامية، تعكف المليشيا على إنشاء سجون خاصة بالنساء داخل مراكز الشرطة تُديرها عناصر الزينبيات، ضمن خطة لتوسيع رقعة القمع ضد المرأة ومنع أي تحرّك أو تعبير نسوي يخالف نهج المليشيا.
وفي جامعة إب شددت المليشيا رقابتها على ملابس الطالبات، وفرضت تفتيشاً مهيناً خلال حفلات التخرج، تحت إشراف ما يُعرف بـ"لجنة الفعاليات"، فيما وثّق مركز العاصمة الإعلامي 22 انتهاكاً بحق النساء في صنعاء خلال شهر، من بينها حالات اختطاف وتعذيب واغتصاب.
وفي تصعيد خطير ضد السجينات، فرضت مليشيا الحوثي عبر إدارة السجن المركزي في صنعاء، قيوداً مشددة على احتياجات النساء في القسم النسائي؛ وثيقة مسرّبة كشفت عن قائمة طويلة من المحظورات، شملت مواداً غذائية مثل الشوكولاتة والعصائر والزبادي وحتى الفواكه والخضروات، فضلاً عن مواد النظافة كالشامبو والصابون، والمياه المعدنية.
الوثيقة أوضحت أن إدخال أي من هذه المواد لا يتم إلا بتصريح من رئاسة القسم، كما منعت السجينات من الشراء عبر بوابة السجن، ما يُعد انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان وجزءاً من سياسة تجويع وتنكيل ممنهج.
حقوقيون وصفوا الإجراءات بأنها "عقاب جماعي مقنن" يفاقم معاناة السجينات، ويجعل من الزنزانة مسرحاً لتعذيب صامت، يتخفى خلف قوانين مزيفة ويحرم النساء من أبسط مقومات الكرامة.
في مناطق سيطرة الحوثيين لا تقاوم النساء فقط الحرب وسلاحها، ولكن يخضن معركة صامتة ضد هندسة اجتماعية قسرية، تسعى لتجريد المرأة من شكلها وصوتها وحقها في أن تكون.. مروراً من المدرسة والجامعة، ووصولاً إلى الزنزانة ما يجري هو "حوثنة" شاملة للأنوثة.
فهل يُكتب للمرأة اليمنية أن تتنفس بحرّيتها يوماً، قبل أن تُختزل كلها في شادور أسود وصمتٍ أبكم؟