التكفير عن خطيئة الدوليين بحق اليمن

- أمين الوائلي
- 11:38 2025/07/10
اشتعال الخلاف في أروقة مجلس الأمن الدولي حول مصير "بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة" هو نتيجة طبيعية وفي الحسبان من جراء متوالية حالة الجمود والتواطؤ الجماعي في مطابخ القرار الدولي ضد إنفاذ روح ونص الاتفاق وآلياته التنفيذية ومنها البعثة الأممية.
السجال بمعطيات الخلاف الناشب بين أفرقاء الشرعية الدولية هو ابن شرعي لاتفاق ستوكهولم سيئ الصيت والنوايا (الدولية) التي تواطأت لاستيلاده على عجل في وجه قوات الشرعية اليمنية الزاحفة وعلى وشك أن تتوج أهدافها بوضع اليد على الميناء الرئيس.
وإذا كان "ستوكهولم" قد أجهض ما يمكن اعتباره نصف الحرب والسلام ونصف معركة الشرعية مع المليشيات -ذراع إيران في اليمن، فإن المجموعة الدولية نفسها تتحمل مسؤولية التمكين للمليشيات بعد استنقاذها ومنحها مظلة حماية ممدد لها دوريا بالتواطؤ الفج والفاحش -تباعا- ضد تنفيذ الاتفاق والقرار الدولي وفقا للآلية المزمنة.
وليس أقل في السوء ولا في تشارك الدوليين المسؤولية عن تحويل وتحول الآلية المزمنة على يد البعثة الأممية والرعاة الدوليين وسفراءهم إلى "صفقة" فاضحة لتوطين الفلتان ووكلاء إيران في رئة اليمن الساحلية وخاصرة البحر الأحمر وحلق الممر الملاحي االحيوي (باب المندب).
وتأديا عن كل ذلك... تهاوت وتهالكت تباعا أمام الأعين والعدسات وبمشاركة فاعلة من البعثة ورعاتها والمطبخ الدولي دعاوى وذرائع الحالة الإنسانية بينما استفحلت أزمات ومظاهر العسكرة وتهريب الأسلحة والتقنيات العسكرية والحربية علاوة على احتكار المليشيات لوكالات وحقوق استيراد وجلب البضائع والوقود لحسابها الخاص...
.. وإلى يوم البحر المشتعل هذا، والسفن الغارقة بحمولاتها الخطرة وطواقمها المختطفة، والملاحة المعطلة، والسلم النازف واليمن المهدور، لمصلحة جبهة حرب إيرانية... بعيدا عن أراضي وسواحل ومصالح إيران.
عودا على بدء، فإن الخلاف المستجد - ولا نراهن قليلا أو كثيرا على جدواه ومخرجاته- ينتقل بمتطلب التجديد للبعثة الأممية من عدمه، من خانة الروتين الإجرائي الدوري المتفق بشأنه نظريا وعمليا بين أقطاب المنظمة الدولية والخمسة الكبار كما تكرس خلال الأعوام الماضية، إلى مربع آخر؛ بمعطيات الواقع الكاشف.
وليس أقل سوءً وكارثية في الدلالة من أن الواقع بات ومنذ وقت مبكر يتجاوز نص ومقتضيات الاتفاق سيء الصيت "ستوكهولم" والأهداف المتوخاة بالتالي من وراء إنشاء بعثة دعمه الأممية بقرار دولي.
ولم يفلح أبدا، لا الاتفاق ولا القرار الدولي فضلا عن البعثة ورعاتها، في إحداث فارق يذكر باتجاه تغيير الوقائع والتمهيد لصياغة مشهد يمني مغاير انطلاقا من ساحله الغربي المغدور، ينتزع مفخخات المليشيات، ويبطل مسببات الصراع..
.. لم يفلح في الدفع لاستعادة موانئ الحديدة سريعا؛ كمنافذ للحياة وضمانة إنسانية بصدد التعافي وتعظيم فرص السلام، والحيلولة دون تحولها إلى منصات عسكرية ومهددات قصوى للملاحة وللسلم والأمن الدوليين، بدلا من هدف خدمة السلام والحالة الإنسانية في اليمن.
الحديدة المغدورة تساوي التحرير المغدور والمعركة المغدورة المهدورة على طاولة صفقات وحسابات الدوليين من ستوكهولم وحتى نيويورك وكواليس المنظمة الدولية ومجلسها الأمني الذي حالفه أيما توفيق في العمل ومن هذه الجبهة بكل جد ضد الأمن والسلم الدوليين.
سيبذل الدوليون جهدهم في الجدل والسجال وسيجدون في نهاية المطاف سبيلا لصفقة ما؛ تمدد الفشل خيارا بالتواطؤ المعهود ، وتعيد تدوير أهداف وأجندة الدوليين جميعهم، بعيدا عن أهداف ونزف ومعاناة وخيارات اليمن واليمنيين.
وعلى سبيل المفارقة ؛ فإن ذرائع وحجج الرعاة الدوليين الذين خوفونا من تحرير الحديدة بعقيرة الميناء ومحجة المنفذ الوحيد للمساعدات والبضائع لمعظم اليمنيين، أسقطوا هذه المرافعات بينما راحت القاذفات والصواريخ والقنابل تتناوب على دك وتدمير موانئ الحديدة في تجاوب دراماتيكي بائس وعقيم مع المليشيات.
رغم هذا سيخوفوننا من تحرير الحديدة.. سيقال المنذ الوحيد والمساعدات والبضائع..
ودعكم من الموانئ التي كانت هنا!
لكن اليمنيون باتوا مشبعين باليقين أن التكفير عن صفقة العار ومهزلة القرار يقضي وجوبا بقطع المسافة بين جحافل الشرعية وركام الموانئ توغلا في امتداد الساحل الغربي شمالا حتى حرض.