11:10 2021/11/29
07:20 2021/10/07
11:47 2021/09/25
في عهد الجماعة.. موظفون ومشايخ يُشرِّعون!
06:11 2021/06/25
الجماعة الحوثية تنتهك مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، وتسمح بانتهاكه.. هذا المبدأ يعني أن لا يعاقب شخص على أي فعل، لا يحظره القانون.. ومبدأ شرعية الجرائم والعقوبات مستقر منذ القدم، وهو أساس شرعية أي تصرف داخل الدولة.. صار يعبر عن هذا المبدأ في الدساتير، وفي القوانين الجنائية للدول، بعبارة لا جريمة ولا عقوبة إلا بقانون.. مثل هذه العبارة تجدها في الدستور اليمني: المسئولية الجنائية شخصية، ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناءً على نص شرعي أو قانوني.. وأرجع إلى أي دستور أو قانون جنائي لأي دولة عربية أو إسلامية أو غربية، أو ما شئت من الدول، وستجد أنها لا تخلو من هذا المبدأ الأساسي والكبير، ولا استثناء له أو فيه البتة.
سوف تجد اختلافاً في الصيغة فقط... ففي دستور دولة ما قد يذكر بصيغة: لا جريمة ولا عقوبة إلا بقانون.. وصيغته لدى آخر: لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص.. وصيغة ثالثة: لا جريمة ولا عقوبة إلا على الفعل الذي يعده القانون وقت اقترافه جريمة، ولا يجوز تطبيق عقوبة أشد من العقوبة النافذة وقت ارتكاب الجريمة.. وهذا المبدأ مقرر أيضاً في كل العهود والاتفاقيات والإعلانات العالمية، فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، مثلاً، يقول: لا يدان أي شخص من جراء فعل، أو ترك، إلا إذا كان ذلك يعتبر جرماً وفقاً للقانون الوطني أو الدولي.
لقد نشرت وكالة سبأ في صنعاء خبراً يوم 15 من هذا الشهر يقول إن نائب مدير أمن محافظة الجوف، ومدير مديرية الحزم، ومديري الأمن ومراكز الشرطة، والأعيان والوجهاء والمشايخ والعقال في المديرية، وقّعوا في نفس اليوم على وثيقة تنص على منع مظاهر الاحتفال في الأعراس والمناسبات الاجتماعية، وتنص على معاقبة مخالفي الوثيقة (بغرامات مالية وحبس).
وقد كثرت الوثائق التي تُكتب هذه الأيام بناءً على دعوة السيد عبد الملك، ومنها وثيقة تيسير الزواج التي وقعها مسئولون في إب يوم 3 يونيو من ضمنهم المحافظ، وينص أحد بنودها على أن أي أمين شرعي يمرر عقد زواج مخالفاً لما حددته الوثيقة (فغرامته مائتي ألف ريال، والحبس شهرين)! وفي منتصف مارس الماضي قالوا إن السلطة المحلية في مديرية عبس بمحافظة حجة، والمشايخ والوجهاء، والتربويين والخطباء، عقدوا اجتماعاً رعاه المحافظ، وأقروا ما جاء في وثيقة اليسر بشأن الحد من غلاء المهور، ومنع المظاهر والعادات السيئة التي تصاحب الأعراس من غناء ورقص ومكبرات صوت، وفوضوا الجهات الرسمية اتخاذ الإجراءات العقابية بحق من يخالف بنود الوثيقة، شريطة (أن لا تقل مدة الحبس عن عشرين يوماً، وغرامة مالية لا تقل عن مائة ألف ريال).
ماذا لدينا هنا؟ محافظون، موظفون عموميون، رجال أمن، مشايخ، تربويون، وخطباء مساجد، تحولوا إلى مشرعين قانونيين، يجرِّمون ارتفاع المهور، يجرِّمون الغناء، والرقص، وإطلاق النار في الأعراس، وسند هؤلاء المشرعين للتجريم أن هذه مظاهر وعادات سيئة، ثم يقررون عقوبات: (بغرامات مالية وحبس)، (فغرامته مائتي ألف ريال، والحبس شهرين)، (أن لا تقل مدة الحبس عن عشرين يوماً، وغرامة مالية لا تقل عن مائة ألف ريال)!
هكذا من عندهم.. فلا الدستور قال إنها جرائم، ولا القانون الجنائي يعتبرها جنايات أو جرائم، ولا قانون العقوبات جرمها ورتب عليها عقوبات.
ضربوا بمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات عرض الحائط، ومنحوا أنفسهم صلاحيات السلطة التشريعية.. لنفترض أن هذه الأفعال التي لا يجرمها القانون قد باتت تشكل خطراً يهدد أمن المجتمع، فإن سلطة الأمر الواقع لديها فقهاء دستوريون، ومجلس النواب، فما لها لا تسن قانوناً يجرمها، ويحدد عقوبات؟ أتخشى مزيداً من الفضائح أمام العالم المتحضر مثلاً؟ لقد وقعت الفضيحة لكن لم يشهرها خصوم الجماعة، على الرغم من أنهم يقرأون ويرون وقائع يقوم فيها موظفون تنفيذيون، ومشايخ، وخطباء، ورجال شرطة، ومعلمو تلاميذ، بتحرير وثائق تجريم وعقاب بناءً على توجيهات السيد.. ويجعلونها في مرتبة الدستور والقوانين.. هذه جريمة كبرى غير مسبوقة.. وقريب من هذه جباية غير مشروعة من التجار وبائعي الفواكه والخضروات، ومن الباعة المتجولين، بينما الدستور والقانون يقولان إن فرض الضرائب يتم بناءً على قانون، وهؤلاء يدفعون الضرائب القانونية أصلاً، ومع ذلك تفرض عليهم الجماعة دفع جبايات مالية دون سند قانوني، والجباية هي ضرب من ضروب الضرائب!