مرحلة اقتصادية جديدة تتشكل: إجراءات حكومية متسارعة لضبط السوق وتعزيز استقلال البنك المركزي (رصد الخميس)

  • عدن، الساحل الغربي:
  • 11:55 2025/08/07

شهدت المحافظات المحررة، الخميس، تصعيداً واسعاً في التحركات الحكومية الرامية إلى تثبيت تعافي العملة الوطنية وتعزيز أدوات الرقابة الاقتصادية، في ظل دعم سياسي داخلي وتحذيرات دولية من أي تدخلات قد تهدد استقلال البنك المركزي.
 
في العاصمة المؤقتة عدن، التقى رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي، وعضو المجلس اللواء فرج البحسني، بقيادات التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية، للتشاور بشأن مسار الإصلاحات الجارية.. وأكد العليمي أن التحسن الأخير في سعر صرف الريال اليمني لم يكن ليتحقق لولا التناغم بين مؤسسات الدولة وبدء تنفيذ خطة التعافي الاقتصادي.
 
وشدد العليمي على أن هذا التحسن لا يعدو كونه خطوة أولى، وأن المرحلة المقبلة ستتطلب قرارات صعبة لكنها ضرورية لحماية الإصلاحات وتخفيف الأعباء على المواطنين؛ كما ثمّن دور لجنتي تنظيم الواردات والمدفوعات كأدوات محورية في ضبط السوق، داعياً القوى السياسية إلى تجاوز الحسابات الضيقة والانخراط الفاعل في دعم مسار الإصلاح.
 
بالتزامن، عقدت اللجنة الوطنية لتنظيم وتمويل الواردات اجتماعها الرابع في عدن، برئاسة محافظ البنك المركزي أحمد غالب، حيث أقرت اللوائح النهائية لتفعيل مهامها، وأعلنت تدشين أعمالها رسمياً بدءاً من الأحد المقبل، 10 أغسطس.
 
وستتولى اللجنة حصراً عمليات المصارفة والتحويل لاستيراد السلع عبر البنوك، في خطوة تستهدف كبح المضاربة وتنظيم السوق المصرفي؛ ودعت اللجنة إلى التعاون مع هذه الآلية الجديدة التي تهدف لتعزيز الاستقرار المالي ومواجهة الأنشطة التخريبية للمليشيا الحوثية وشبكات التهريب والمضاربة.
 
وفي محافظة لحج، ترأس المحافظ اللواء أحمد تُركي اجتماعاً موسعاً مع السلطات الأمنية والقضائية والتجارية، ناقش خلاله أهمية استثمار مكاسب استقرار العملة وتثبيتها بأسواق السلع والخدمات؛ وأعلن تشكيل لجنة رقابية خاصة لتحديث التسعيرات ومراقبة التجار ومحلات الصرافة، مشيراً إلى إحالة أكثر من 80 منشأة صرافة مخالفة للنيابة العامة.
 
من جهته، أكد مدير فرع البنك المركزي بلحج أن الصعود الأخير للريال يمثل "فرصة ذهبية" لإعادة ضبط السوق وتعزيز الثقة، بينما أبدى القضاء استعداده الكامل لحسم قضايا المخالفات المالية.
 
أما في شبوة، فقد ترأس المحافظ عوض ابن الوزير اجتماعاً ناقش الصعوبات الإيرادية وسبل تحسين كفاءة التحصيل المحلي؛ وأقر الاجتماع تشكيل لجنة مالية تشرف على إصدار تقرير شهري يُناقش في المكتب التنفيذي، مع ربط الأداء المالي بمؤشرات قياس حقيقية لتعزيز الشفافية ومكافحة التلاعب.
 
وفي الضالع، نفذ مكتب الصناعة والتجارة بمديرية قعطبة حملة ميدانية شملت أسواق المدينة ومحطات الوقود، وتم التأكيد على الالتزام بالتسعيرة الرسمية، في ظل استعداد لإصدار قائمة جديدة مخفضة خلال 24 ساعة؛ وأشار مدير المكتب إلى أن الحملة تهدف لحماية المستهلك ومنع الاحتكار، بالتنسيق مع الجهات الأمنية والرقابية.
 
دولياً، حذّرت السفارة الأمريكية من محاولات تسييس عمل البنك المركزي اليمني، مؤكدة أن استقلاليته ضرورة ملحة لإنقاذ الاقتصاد، وذكرت أن الجهود الأخيرة لمحافظ البنك أحمد غالب أسهمت في تعزيز الريال بنسبة 50%، ودعت لتنفيذ إصلاحات اقتصادية عاجلة بعيداً عن التدخلات السياسية.
 
ويرى محللون أن الحكومة تراهن على هذا التحسن المالي كفرصة لإعادة الإمساك التدريجي بأدوات السيادة الاقتصادية، لكنّ تحويل هذا المكسب إلى واقع دائم يتطلب جهداً متواصلاً من كافة المؤسسات الرسمية والمحلية، واستمرار الرقابة وتفعيل القضاء، وتوفير بيئة استثمارية آمنة.
 
وفي وقت تتسع فيه الحملات الميدانية وتتوالى الاجتماعات والإصلاحات، تتصاعد تساؤلات الشارع اليمني حول مدى قدرة الحكومة على الحفاظ على هذا التحسن، وتحويله إلى استقرار معيشي يلمسه المواطن فعلياً في الأسواق والسلع والخدمات.
 
وبين التوجيهات الرئاسية والتفعيل المصرفي والتوسع الرقابي والدعم الدولي، تبدو ملامح مرحلة اقتصادية جديدة تتشكل في المحافظات المحررة.. غير أن النجاح في هذه المعركة يظل رهيناً بالإرادة السياسية والرقابة الفعلية واستمرار التنسيق بين مكونات الدولة، بعيداً عن أي تسييس يهدد المكاسب الوطنية المتحققة.

ذات صلة