تهديدات الحوثيين البحرية وهدنة غزة: لماذا أصبح تعطيل سلاسل الإمداد ضرورة ملحة؟
- *معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى بقلم: نعوم ريدان
- 08:31 2025/11/15
نشرت نعوم ريدان ‐ الباحثة في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى والمتخصصة في قضايا الطاقة والشحن في الشرق الأوسط، تقريراً معمقاً يكشف استمرار التهديدات البحرية الحوثية رغم الهدوء النسبي الذي أعقب وقف الهجمات منذ أواخر سبتمبر، مؤكدة أن هذا الهدوء "مؤقت وخادع"، وأن الجماعة قادرة على استئناف عملياتها في أي لحظة.
«هدوء مضلل.. والجماعة تلوح بهجمات جديدة»
يؤكد التقرير أن هدنة غزة الأخيرة لم تغير طبيعة التهديد الحوثي، إذ صرح قيادي حوثي بارز مطلع أكتوبر بأن الهجمات البحرية "ستُستأنف فور أي تصعيد إسرائيلي في غزة".. لذلك، لا تزال القوات البحرية الدولية وصناعة الشحن تتعامل مع البحر الأحمر بـ"حذر شديد"، كما حدث أثناء وقف إطلاق النار القصير في يناير الماضي.
وتشير ريدان إلى أن الخطر لا يهدد إسرائيل وحدها، لكنه يمتد ليشمل المملكة العربية السعودية ودول الخليج، حيث استهدفت الجماعة ناقلة نفط قرب ميناء ينبع في أغسطس، في تحول لافت يشير إلى رغبتها في توسيع دائرة الضغط على الرياض.
«سلاسل الإمداد الحوثية.. الحلقة الأهم في المعركة»
يركز التقرير على أن تعطيل شبكات الإمداد الحوثية هو "العنصر الأكثر حسماً" في أي استراتيجية لتهدئة البحر الأحمر.
ففي سبتمبر، تعرضت ناقلة تحمل غاز البترول المسال الإيراني لهجوم غامض قرب ميناء رأس عيسى الخاضع للمليشيا، وهو موقع يعد شرياناً رئيسياً لإمدادات الطاقة غير المشروعة للحوثيين.. ورغم العقوبات والضربات الأمريكية، تشير بيانات تتبع السفن إلى أن مليشيا الحوثي قادرة على استئناف عمليات الاستيراد بسرعة، ما يجعل العقوبات الفردية "غير كافية".
«من يجرؤ على عبور باب المندب؟.. إجابة تكشف التوازنات الدولية»
بالعودة لعامين من الهجمات الحوثية على الملاحة، توضح ريدان أن حركة الشحن عبر باب المندب لا تزال أقل من مستويات 2023.. ورغم ذلك، عادت بعض الشركات إلى الطريق الحيوي في مؤشر على "تطبيع المخاطر"، خصوصاً ناقلات النفط العراقية المتجهة إلى أوروبا.
وتشير بيانات شركات مثل كبلر إلى أن: ناقلات يونانية معينة واصلت العبور رغم الهجمات؛ وشركات يونانية أخرى فضّلت الالتفاف عبر رأس الرجاء الصالح؛ والسفن الأمريكية والبريطانية تتجنب بالكامل جنوب البحر الأحمر؛ أما السفن المرتبطة بروسيا والصين أصبحت "الأكثر جرأة" في مواصلة المرور، مستندة إلى تجنب الحوثيين استهدافها.
وتُظهر أنظمة التتبع البحرية رسائل متعمدة تكشف الطاقم والملكية الصينية أو الروسية، في محاولة واضحة لطمأنة الحوثيين.
«هجمات تكشف اتساع دوائر التهديد»
تستعرض ريدان ثلاثة أحداث بارزة مؤخراً:
1. استهداف السفينة الهولندية "مينيرفاغراخت" في سبتمبر بخليج عدن دون ارتباط إسرائيلي، ما يعكس دقة ضعيفة في بيانات الجماعة وتوسعاً في دائرة الأهداف.
2. هجوم على ناقلة "سكارليت راي" قرب ينبع – في منطقة تمثل قلب البنية التحتية السعودية النفطية، ما يشير إلى انتقال الحوثيين لاستراتيجية جديدة لتهديد السعودية مباشرة.
3. احتراق ناقلة "كليبر" في ميناء رأس عيسى وانفجار ناقلة "فالكون" في خليج عدن، وكلاهما تحملان غازاً إيرانياً، ما أثار شكوكاً حول احتمال تنفيذ "ضربات غامضة" تستهدف شبكات الإمداد النفطية الإيرانية المتجهة للحوثيين.
«السعودية بين رؤيتها 2030 والتهديد البحري»
يربط التقرير بين تهديدات البحر الأحمر وبين رؤية السعودية 2030 التي تعتمد على تطوير قطاع الخدمات اللوجستية والشحن..
ففي الوقت الذي توسع فيه الرياض نشاط شركاتها البحرية مثل "فولك ماريتايم"، فإن استمرار المخاطر على الملاحة يضع المملكة أمام تحدٍ استراتيجي يتطلب حماية الممرات البحرية.
وقد أطلقت السعودية بالشراكة مع بريطانيا مبادرة "شراكة الأمن البحري اليمني"، إلا أن الحوثيين سارعوا لتصويرها كخطوة لـ"حماية السفن الإسرائيلية"، ما يعقد فرص التهدئة.
«الخلاصة: لا حل دون تفكيك شبكات الحوثي العابرة للحدود»
تختتم ريدان تقريرها بالتأكيد أن العودة إلى مستويات الملاحة الطبيعية باتت "حلماً بعيداً"؛ واستقرار "محور المقاومة" شرط لصمت البحر الأحمر؛ والحوثيون واضحون في استعدادهم لربط الهجمات بدعم حماس وحزب الله؛ والضربات العسكرية التقليدية لم تعد كافية؛ والمطلوب هو تفكيك شبكات المشتريات الحوثية الممتدة إلى إيران والصين وأماكن أخرى.
وترى ريدان أن نجاح أي استراتيجية أمريكية أو دولية للحد من التهديد الحوثي في البحر الأحمر يتطلب فهما كاملاً واستهدافاً فعالاً لهذه الشبكات، بما يتجاوز العقوبات التي أثبت الحوثيون قدرتهم على الالتفاف عليها.
