الحوثي و26 سبتمبر: خوف الإمامة من شبح قبرها

- خاص - الساحل الغربي:
- 01:46 2025/09/26
لم يخَف الحوثيون من الطائرات ولا من العقوبات ولا حتى من المجاعة التي نسجوها بيدهم... لكنهم يرتجفون أمام علمٍ يرفرف أو قصيدة تُغنّى في ذكرى 26 سبتمبر؛ هذه الذكرى التي تحولت في وعي اليمنيين إلى شبح يطارد الإمامة كلما حاولت أن تتنكر بوجه الجمهورية.
في إب، حيث الجبال شاهدة على رصاص سبتمبر الأول، اقتحم الحوثيون البيوت كما لو أن قطعة قماش ملونة أخطر من بندقية.. اختطفوا محامياً لأنه رفع العلم، وجرّوا معلماً لأنه حمل شعلة الثورة، وخطفوا شاباً لأن صورته تذكّرهم بأن الإمامة سقطت ذات فجر؛ كأن الجماعة تريد أن تقول: أيها اليمني، لك أن تجوع وتُقتل، لكن إيّاك أن تتذكّر أنك كنت حراً يوماً ما.
أما في صنعاء وذمار وحجة وعمران، فنقاط التفتيش تبحث عن أغنية وطنية في هاتفك، أكثر مما تبحث عن عصابات الشوارع.. شاعر مريض يختطف لأنه نظم بيتاً يغازل الحرية، وكاتب يُرهب لأنه شارك نشيداً جمهورياً... أهذه "اليمن" أم هو كابوس ماضيٍ؟
المليشيا التي تصرخ يومياً عن "الموت لأمريكا وإسرائيل"، لا تجد عدواً أخطر من شعلة 26 سبتمبر.. فبالنسبة لهم، سبتمبر ليس تاريخ عابر؛ إنه مرآة تُظهر حقيقتهم: أنهم مجرّد نسخة باهتة من إمامة أُسقطت قبل ستة عقود، وأنهم يعيشون اليوم في زمن مؤقت ومستعار، كل دقيقة فيه محسوبة من عمرهم.
إن خوف الحوثي من سبتمبر يفضح هشاشته أكثر من أي معركة عسكرية؛ فمن يملك ثقة الشعب لا يحتاج أن يفتش جيوب الأطفال بحثاً عن أعلام الوطن.. ومن يحكم بشرعية لا يخشى من قصيدة تُتلى في مقهى... لكن من يحكم بسطوة الرعب، يدرك أن أي شرارة صغيرة –حتى لو كانت أغنية– يمكن أن تشعل حريقاً يلتهمه.
اليوم، بينما يختطف الحوثي المعلّمين والطلاب والشعراء، يثبت للعالم أن معركته الحقيقية ليست مع واشنطن ولا تل أبيب، لكنها مع ذاكرة اليمنيين.. ذاكرة تقول: الجمهورية وُلدت من رحم سبتمبر، وكل من يحاول إجهاضها سيُدفن في القبر نفسه الذي ابتلع الإمامة عام 1962.