حارس المولد الصغير.. نهاية مأساوية لطفل جندته المليشيا وغرق في بركة ماء

  • الساحل الغربي، مبروك المسمري:
  • 03:35 2025/09/07

في صباح الخميس الماضي، نهض الطفل نصّار ناصر مقبل فارع، ذو السنوات القليلة، بلهفة غير مألوفة.. لم يحمل حقيبته المدرسية، ولم يتجه إلى الحقل كما يفعل أقرانه، لكنه توجه مسرعاً إلى "نقطة التجمع" التي حددها المشرف الأمني التابع لمليشيا الحوثي في قريته بمديرية حوث شمال محافظة عمران.
 
كان ذلك امتداداً لمهمة بدأها المشرف مساء الأربعاء، حين جال بين بيوت القرية يستقطب أطفالاً ومراهقين لتشكيل مجموعة مسلحة، تتولى حماية فعالية "المولد النبوي" في الساحة المحددة بمنطقة الخمري.. الإغراءات كانت بسيطة لكنها كافية لإقناع الصغار: خمسة آلاف ريال، ووجبة غداء، وحفنة قات، وسلاح يُسلَّم كعُهدة طوال المهمة؛ عشرة أطفال استجابوا –بينهم نصار– الذي اختار لنفسه كنية "الكرّار"، كما طلب المشرف أن يتخفوا وراء "أسماء جهادية".
 
مع بزوغ الفجر، ركب نصار على صندوق الطقم العسكري، يتشبث بسلاح لم يعرف كيف يستخدمه، ويهتز جسده على وقع الأهازيج الحماسية المنبعثة من مكبرات الصوت: "معك معك يا سيدي...". بدا المشهد أكبر من سنّه، لكنه كان يبتسم بفخر طفولي، كمن يعتقد أنه صار جندياً حقيقياً.
 
وصل الأطفال إلى موقعهم، حيث كلّفهم المشرف بحفر "مترس" قرب بركة ماء صغيرة، لتشكيل ما أسماه "الحزام الأمني" للساحة؛ جلسوا يكدّون بأيدٍ غضة لا تعرف معنى الحرب، وبينما كان نصار يبحث عن حجارة لإكمال متراسه، انزلقت قدماه فجأة إلى مياه البركة.
 
ارتفعت صرخات نصار مستنجداً، والسلاح ما زال في يده؛ لكن رفاقه الصغار لم يعرفوا السباحة، وأجسادهم النحيلة عجزت عن إنقاذه.. ركضوا مذهولين نحو المشرف يطلبون النجدة، إلا أن تدخله جاء متأخراً.. كان "الكرار" قد فارق الحياة غرقاً، في مشهد صاعق لطفولة خُطفت إلى معركة لم تخترها.
 
في الساحة القريبة، دوّت مكبرات الصوت بظهور "زعيم المليشيا" على الشاشة العملاقة، وتعالت صيحات الحشود بالصرخات.. أما على أطراف القرية، فقد علت صيحات أخرى ـ صرخات أمهات وآباء، مزّقهم الحزن على فلذات أكبادهم الذين خرجوا أحياء، فعادوا صوراً على جدران المنازل وأكفاناً على ظهور الأطقم العسكرية.
 
عادوا من المولد بلا حمص... وبلا طفولة ولا حياة

ذات صلة