الشرعية تذبح نفسها مرتين.. والخطاب المرتبك يمنح الحوثيين انتصارات مجانية
عدن، الساحل الغربي:
06:44 2025/07/10
وجّه الإعلامي كامل الخوداني نقداً مريراً لأداء الحكومة الشرعية، محذراً من أنها تمضي في سلسلة من الإخفاقات السياسية والإعلامية التي تمنح الحوثيين مكاسب مجانية، وتحوّل أوراق القوة إلى أدوات دعاية لصالح المليشيا الحوثية –داخلياً وخارجياً– في مشهد عبثي وصفه بـ"الذبح من الوريد للوريد".
وفي مقالة تحليلية تفصيلية، توقف الخوداني مطولاً عند قضيتين بارزتين كشفتا ارتباك الخطاب الرسمي، وهما: اعتقال القيادي الحوثي "محمد الزايدي" في محافظة المهرة، وتوقيف وزير الخارجية الحوثي السابق "هشام شرف" في مطار عدن.. مشيراً إلى أن كليهما كان يمكن أن يشكّل ورقة ضغط قوية لصالح الشرعية لو استُثمر بالشكل القانوني والإعلامي الصحيح، بدلاً من تسليمه على طبق من ذهب للحوثيين.
الخوداني تساءل عن كيفية عجز الشرعية عن تحويل قضية الزايدي –الذي دخل المنفذ الحدودي بأطقم مسلحة هجومية أطلقت النار على الجنود، وامتلاكه جوازات سفر مزوّرة– إلى ملف قانوني صلب وورقة سياسية قوية، رغم أنها تنطوي على مؤشرات (تمرد مسلح، وخرق أمني داخلي، ورفض للأوامر العسكرية) موضحاً أن التسريبات غير المهنية والارتجالات المشوّشة التي زعمت أنه اختبأ في "ثلاجة أسماك" نسفت الرواية الرسمية، ومنحت الحوثيين فرصة لتصويره كمسافر مدني مسالم يُنتهك حقه في التنقل، لا كقائد لتمرد مسلح علني.
وأشار إلى أن الحوثيين حوّلوا هذه الرواية المرتبكة إلى أداة تحشيد قبلي حتى داخل مناطق الشرعية، واستثمروها سياسياً وإعلامياً لتثبيت مطالبهم بشأن فتح مطار صنعاء ومنحهم خطوط طيران خاصة، بينما وقفت الشرعية مكتوفة الأيدي بلا بيان قانوني يوضح حقيقة ما جرى.
كما تطرّق إلى توقيف وزير خارجية الحوثيين السابق هشام شرف في مطار عدن أثناء سفره بجواز فرنسي، واصفاً إياه بـ"الهدية الثانية" التي تُمنح للحوثيين، حيث تم بطريقة ارتجالية مشابهة، رغم أنه كان يمكن تقديمه قانونياً باعتباره لا يملك تأشيرة خروج من الخارجية، وهو إجراء اعتيادي لأي حامل لجواز دبلوماسي؛ لكن كما يقول الخوداني، فقد فشلت الشرعية مجدداً في تبيان مبرراتها القانونية، وسمحت للحوثيين بتحويل الواقعة إلى ذريعة لتصعيد دعاياتهم حول انتهاك "حرية التنقل" والمطالبة بفتح مطار صنعاء.
مشيراً إلى أن هذا الحدث –رغم قانونيته– تم تحويله إلى ورقة بيد الحوثي دولياً، كون هشام شرف سياسياً ودبلوماسياً معروفاً، ويحمل جواز سفر فرنسي، مما يمنحه وضعاً حساساً إعلامياً وقانونياً.
وأضاف: (ما كان يمكن أن يتحوّل إلى مكاسب سياسية واعتراف بشرعية القانون في مناطق الحكومة، تحوّل إلى مادة طعن في شرعية الدولة، وقدّمت للحوثي ذريعة إضافية للمطالبة بالممرات الجوية والسياسية، وكأنهم الطرف المضطهد لا الطرف الذي يرتكب جرائم يومية بحق اليمنيين).
الخوداني كذلك انتقد بشدة مظاهر التمرد المسلح والاصطفاف القبلي في مناطق الشرعية نصرةً للزايدي –والذي شهد قتل جنود وقطع طرقات– بات يُقدّم من منظور "الشهامة والمرؤة" عند بعض المتعاطفين، في مفارقة تكرّس واقعاً مؤلماً عنوانه: "القبيلة تقاتل لنصرة قيادي حوثي في مناطق الشرعية، بينما في مناطق سيطرة الحوثي حيث لا تُسمع همسة اعتراض لا يجرؤ أحد على الاحتجاج لأجل امرأة مظلومة أو شيخ مسحوب من بيته"؛ معتبراً ذلك مؤشراً خطيراً على غياب هيبة الدولة، مقابل السطوة المطلقة للحوثيين حتى على القبائل التي يُذل رموزها تحت قمع السلاح دون مقاومة.
وفي تعليقه على تعامل الحكومة مع هروب بعض القيادات الحوثية، شدد على أن الشرعية أخفقت مجدداً في استثمار هذه الوقائع لصالحها بل تسببت في إرسال رسالة عكسية مفادها: (من يأتِ إلينا من الحوثيين سنرده أو نهينه) بينما يحتفي الحوثي بمن لا قيمة له ويصنع منه رمزاً وانتصاراً.
وخلص الخوداني إلى أن المعركة مع الحوثيين لم تعد تُحسم بالبندقية فقط بل بالإعلام والقانون والدبلوماسية؛ مؤكداً أن الشرعية ما تزال تفشل في توظيف مركزها المعترف به دولياً، ويغيب عن إعلامها خطاب الوعي السياسي والحنكة القانونية المنضبطة، لصالح ارتجالات تضر أكثر مما تنفع وتُسلم العدو ما لم يحلم به من انتصارات.
وفي ختام طرحه دعا الخوداني إلى مراجعة شاملة لأداء الإعلام الرسمي، وإصدار بيانات مدروسة بلغة القانون والمنطق، بعيداً عن العاطفة والمزايدات، محذراً من أن الاستمرار على هذا النهج يمنح الحوثي مكاسب لا يستحقها، ويجرد الشرعية من أدواتها السياسية والقانونية في الداخل والخارج، مؤكداً أن الحوثي لن ينتصر بما يفعل ولكن بما تغفل عنه الشرعية.