منع القات ليلاً.. مقدمة لقيود جديدة أم هروب من الفشل

- وليد محمد العمري، الساحل الغربي:
- 05:32 2025/06/29
في مشهد يعيد إلى الأذهان ممارسات الأنظمة الاستبدادية، تمضي سلطات الأمر الواقع (الحوثية) في فرض وصايتها على سلوك المواطنين وخياراتهم الشخصية، متذرعة بحماية الأخلاق والقيم المجتمعية، بينما تخفي خلف هذه الشعارات فشلًا ذريعًا في إدارة شؤون البلاد وتلبية الحد الأدنى من احتياجات الناس.
المفارقة أن المجتمع ذاته، الذي كثيرًا ما يرفض الوصاية ويتغنّى بالحريات الفردية، يهلّل لقرار منع القات ليلاً، رغم مخالفته للقانون والدستور. فهل يدرك هذا المجتمع أنه، بصمته وتبريره، يفتح الباب أمام مزيد من التدخلات السلطوية؟ ومن يرضى اليوم بمنعه من مضغ القات، قد لا يملك غدًا حق الاعتراض إن مُنع من الخروج من منزله في أوقات معينة، أو فُرضت عليه قرارات تحدد ما يرتديه، أو ما يقرأه، أو يشاهده، أو حتى ما يفعله في حياته اليومية، وكأنه قاصر لا يملك حرية الاختيار.
إن القرارات التي تبدأ بالتحكم في تفاصيل شخصية صغيرة كـ"مضغ القات ليلًا"، تُمهد الطريق لتدخلات أوسع وأكثر خطورة في خصوصيات الأفراد وحقوقهم الأساسية.
وفي الوقت الذي تفتعل فيه الجماعة قضية القات الليلي لتصنع منها "ترندًا" وقرارًا سيادياً، تتجاهل عمدًا قضايا جوهرية تمسّ حياة اليمنيين بشكل مباشر، كنهبها لـ المرتبات، وخصخصة التعليم والخدمات الصحية، وتفشي البطالة، وغياب القوانين الرادعة للعنف ضد النساء والأطفال، فضلًا عن تفشي الحشيش والمخدرات في المجتمع دون رادع أو محاسبة.
كان حريًّا بهذه الجماعة أن تنشغل بتأمين الحد الأدنى من مقومات الحياة لأغلب الأسر الخاضعة تحت سطوتها، بدلًا من الانشغال بفرض قرارات عبثية خارجة عن القانون، تُستخدم كغطاء لشرعنة الاستبداد وتقييد الحريات.