نساء في مواجهة الكهنوت: من وجع الأمهات وُلد نضالٌ هزّ ضمير العالم دفاعاً عن المختطفين

- الساحل الغربي، إلهام الفقي:
- 08:55 2025/04/23
في خضمّ حربٍ مزّقت اليمن بيد مليشيا الحوثي، وفي لحظة وجع تحوّلت إلى فعل، خرجت أمهات المختطفين من صمت السجون الممتدة على خارطة الوطن، ليصرخن بصوتٍ واحد: "لن نصمت" صوتٌ خرج من قلوب الأمهات اللواتي انتُزِعَ أبناؤهن من بين أيديهن دون تهمة أو محاكمة. كانت البداية من الألم، من الخوف، ومن الأبواب المغلقة خلف جدران السجون؛ ومن هذا الوجع انطلقت "رابطة أمهات المختطفين" برئاسة الحقوقية أمة السلام الحاج، لتتحول مع الأيام إلى كيانٍ حقوقي وإنساني يدافع باستماتة عن آلاف المدنيين المختطفين في سجون مليشيا الحوثي.
الأستاذة أمة السلام الحاج تروي لـ "الساحل الغربي" كيف تبلور نضال أمهات اليمن في مواجهة الانتهاكات الحوثية ومناصرة المختطفين خلف سجون الكهنوت.
بداية الفكرة: من صدمة الخطف إلى صوت العدالة
انبثقت فكرة تأسيس الرابطة حين تصاعدت وتيرة اختطاف الصحفيين والمعلمين والمحامين، وكل من وقف إلى جانب المقاومة والجيش المناهض للحوثي، أو عبّر عن رأيه.
جاءت البداية من صميم ألم الأمهات، ومن صوت المظلومات. اجتمعت نساء تربطهن الصداقة أو الجيرة أو القرابة، كلهن لديهن أبناء أو أقارب خلف القضبان؛ قررن إنشاء كيان يُعنى بهذه المأساة، وأطلقن عليه اسم "رابطة أمهات المختطفين" وتم إعلانها رسمياً أمام أحد سجون المليشيا في صنعاء، يوم 14 أبريل 2016.
التحديات: قمع الحوثيين وخوف المجتمع
لم يكن الطريق ممهّداً. كان التهديد والاعتقال مصير كل من يجرؤ على الحديث عن المختطفين؛ وأثناء تنفيذ الوقفات الاحتجاجية، كانت مليشيا الحوثي تلجأ إلى الضرب والاعتقال، بل وحتى عند محاولة زيارة السجون أو إيصال الطعام، كانت الأمهات يُفتشن ويُهنّ بطريقة مهينة.
كما واجهت الرابطة تحديات اجتماعية عميقة؛ إذ لجأ بعض الأهالي إلى التكتّم على اختطاف بناتهم خوفاً من "العار" مبررين غيابهن بالوفاة أو السفر؛ حتى الإبلاغ في أقسام الشرطة لم يكن آمناً، فكل من يُبلِغ عن اختفاء شخص قد يجد نفسه في قائمة المختطفين.
النجاحات والإنجازات: القضية حاضرة دولياً
رغم العقبات، نجحت الرابطة في جعل قضية المختطفين حاضرة على طاولات التفاوض. أُفرج عن أكثر من 950 مختطفاً من القوائم التي تتابعها الرابطة؛ وتمكّنت الأمهات من إيصال أصواتهن إلى مجلس حقوق الإنسان والمبعوث الأممي والتحالف العربي والاتحاد الأوروبي.
ولم يكن هذا الإنجاز وليد المصادفة، بل تحقق بإصرار الأمهات ودعمهن النفسي والقانوني المتبادل وبالتعاون مع منظمات إنسانية وخيرية، عملت على رعاية الأسر المتضررة وتوثيق بيانات المختطفين بدقة، بما في ذلك أسماؤهم وأرقامهم ومواقع احتجازهم.
الرسالة إلى الداخل والخارج
تؤكد رابطة أمهات المختطفين أنها لا تدافع عن مقاتلين، بل عن مدنيين اختُطفوا من الشوارع وأماكن العمل دون تهم واضحة.. وتطالب بالإفراج عنهم دون قيد أو شرط.
وتوجه الرابطة رسائلها إلى المجتمع المحلي والدولي، تدعوهم فيها للوقوف معها، والضغط على مليشيا الحوثي لإطلاق سراح المختطفين.
كما شدّدت الأستاذة الحاج على أن مليشيا الحوثي تستخدم المختطفين كدروع بشرية لأغراض سياسية وعسكرية، مشيرة إلى أن من أبرز الشواهد على ذلك ضحايا القصف الأمريكي على مقر السلطة المحلية بمحافظة الجوف.
ولفتت إلى أن كثيراً من المفرج عنهم يواجهون النزوح القسري، ويعودون إلى الحياة بلا عمل ولا مأوى، محطمين نفسياً وجسدياً.
دعوة للحكومة ومجلس القيادة الرئاسي
تطالب الرابطة الحكومة اليمنية ومجلس القيادة الرئاسي بأن يتحمّلوا مسؤولياتهم في هذا الملف، وأن يكون لهم دور فاعل في الدفاع عن المختطفين، وألا يبقى أبناؤنا رهائن للمساومات السياسية.