ذكرى الانقلاب الحوثي.. اليمن بين أطلال الدولة وأوهام المليشيا

10:28 2025/09/21

تتباهى وتحتفل ميليشيا الحوثي بذكرى انقلابها الدموي على الدولة اليمنية، محاولة بذلك أن تصنع من الخراب مسرحاً للاحتفال، لكن الحقيقة أكثر قتامة من كل شعاراتها الزائفة، فاليمن اليوم مدينة واحدة طويلة من الأطلال، منازل مدمرة، مدارس مشوهة، مستشفيات مكتظة ولكنها فارغة من الخدمات، وشعب يعيش على أطلال دولة انهارت تحت أقدام الانقلابين، كل احتفال لهم هو مجرد قناع يحجب دماء آلاف الضحايا؛ تاريخ هذه الميليشيا الدموي بدأ قبل سنوات من الانقلاب الكبير في صنعاء، فتهجير يهود صعدة ليس مجرد حادثة عابرة، تلك المجتمعات العريقة التي عاشت في شمال اليمن قروناً وجدت نفسها مضطرة للرحيل عن بيوتها وعن مقابرها التاريخية، تحت تهديد السلاح والابتزاز النفسي، هذا كان أول درس صارخ عن طبيعة هذه الميليشيا، فلسان حالها يقول: لا مكان لدينا إلا لمن يرضخ، وكل آخر هو هدف مشروع؛ وكذلك ما حصل ويحصل في تعز من حصار لا يرحم استمر لسنوات وما زال منعوا وصول الغذاء والدواء، حتى الماء أصبح سلعة نادرة، السكان يموتون صامتين، أطفالهم ينهارون من الجوع، مرضاهم يموتون بلا علاج، كل ذلك بينما تلفزيوناتهم تبث "الانتصارات"، وكل منزل محاصر وكل حي مقطوع عن الآخر، كل دماء تتساقط كانت شهادة على وحشية هذه الميليشيا الانقلابية، ملايين اليمنيين يعيشوا بين جوع الموت وخوف القنابل والألغام ومع ذلك لم يتوقف الإعلام الحوثي عن تصوير الحصار كأنه "نجاح عسكري".
المنازل في مناطق سيطرتهم لم تسلم فُجرت لتفريغ الناس من بيوتهم وأراضيهم بالقوة، أو كرادع لأي صوت معارض، وكل شارع أصبح ركاماً، وكل بيت يحمل قصص عائلات بلا مأوى، هؤلاء الانقلابون لا يعرفون الرحمة، حتى الرموز الدينية لم تسلم من استغلالهم: على سبيل المثال عاشوراء مناسبة دينية أصبحت أداة لتعبئة العنف وإشعال النزاعات الطائفية وزرع الرعب في القلوب باسم الدين؛ الأمثلة على سياساتهم المدمرة لا تقف عند هذا الحد، فالمدارس أصبحت أهدافاً عسكرية والمستشفيات مواقع تخزين للأسلحة، والأطفال جنوداً في جيش بلا قلب، وكل شخص معارض أو خارج دائرة المشروع الحوثي، سواءً كان رجل دين أو طفلاً أو شيخاً أو امرأة هو هدف محتمل، الحوثي لم يكن ثائراً ضد الفساد كما يصور للآخرين، بل أداة تدمير يحرق كل شيء أمامه ليبني سلطته على الرماد والدم.
وما زالت هذه الميليشيا تحتفل بهذا اليوم الذي قدمت من خلاله لليمن ولليمنيين القتل والسحل والاخفاء والسجن والفقر والبطالة ويضاف إلى هذا السجل الطويل الكهرباء المقطوعة تماماً، والمياه النادرة، والرعاية الصحية المعدومة، والمدارس المدمرة، والتعليم المؤدلج والمتطرف، والأمل في المستقبل شبه معدوم، كل هذا لم يمنعهم من تنكيس رؤوسهم ومن غض الطرف عن الاحتفالات بل يعملون على تصوير أنفسهم "منتصرين"، بينما الواقع يصرخ بكل حرف: دولة منهارة، شعب منكوب، وطن جريح ومسلوب؛ ولذا على اليمنيين الأحرار أن يدركوا أن كل احتفال بذكرى الانقلاب وكل مسرحية إعلامية هي مجرد محاولة لإخفاء حقيقة واحدة أن "الحوثي آلة موت منظمة لا يعرف إلا القتل والإرهاب والترويع"، وأن هناك حقيقة لا يمكن لهذه الميليشيا تغييرها لأن كل حصار وتفجير وتهجير، وكل استغلال ديني، لن يدوم؛ اليمنيون سيظلون يقاتلون لاستعادة دولتهم، ولمحاسبة المجرمين، ولإعادة بناء وطن دُمّر، وكل دم سقط، وكل منزل تهدم، وكل طفل فقد مستقبله شهادة حية على أن الانقلاب الحوثي كارثة مستمرة، وأن الحق سيظل يسطع مهما طال زمن الظلام؛ بالنسبة لليمنيين الأحرار هذا اليوم الذي تحتفل به الميليشيا ما هو إلا مجرد تذكير بما خسره اليمن من حضارة، ومدن، وأرواح، ومستقبل، احتفال هذه العصابة الحوثية ليس أكثر من استعراض قوة فقط وهم يبيعون وهم الانتصار للشعب الذي أصبح ضحية كل لعبة سياسية، رغم ذلك إلا أن اليمنيين يعرفون بأن هذه العصابة لا تملك شيئاً إلا الخراب والدم، وكل يوم يمر تحت حكمهم، يزيد من حجم الأطلال، ويؤكد أن أي مشروع مبني على الدم لا يمكن أن يصمد أمام إرادة شعبه.
بالفعل مثلما ذكرنا سابقاً أن اليمن اليوم بين أطلال الدولة وأوهام المليشيا، لكن اليمنيين لن ينسوا ولن يكفوا عن المقاومة، والحقيقة واضحة لا شرعية للانقلاب، ولا مكان للميليشيا والعدالة ستتحقق مهما طال الزمن، فكل دم يُراق وكل دمعة تُذرف ستصبح شاهدة على أن نهاية ميليشيا الحوثي قادمة وأن اليمن سُيبنى من جديد، دولة تحمي شعبها لا تقتل أبناءها.