الريف يتحول إلى جبهة.. قرى تعز بين التهجير والتجنيد القسري

  • عبدالصمد القاضي، الساحل الغربي:
  • 10:25 2025/07/22

بينما كان يُفترض أن الريف يستقبل أصوات الحصاد وعودة المدارس، بات يستقبل أصوات القذائف وخطى المليشيا.. في تعز تحوّل العشب الأخضر إلى تراب عسكري، وتحولت البيوت إلى أهداف عسكرية نائمة.
 
الحرب لدى الحوثي لا تحتاج جبهات مفتوحة؛ فالمليشيا تصنع جبهتها الخاصة بهدوء الأفاعي وسُمّها القاتل، داخل الريف الذي لم يعد آمناً.. تتغلغل المليشيا كأخطبوط عسكري في مديريات متعددة، تُنشئ معسكرات بلا إعلان أو مُوافقة وتحاصر القرى وتُهجّر العائلات وتحوّل الجبال إلى خطوط نار، فيما يُساق الشباب من أبواب منازلهم إلى ساحات التجنيد قبل أن تلامس أيديهم شهادات التخرج.
 
معسكرات تنمو.. وأهالٍ يرحلون
 
في شرعب الرونة وحدها، ظهرت معسكرات في وادي نخلة، والعوادر، والملاوحة، والزغارير وجبل السرج؛ وفي التعزية، تمركزت في جبل ضريمات والهشمة؛ وفي خدير، تمددت نحو السقيع، وفي ماوية زرعت معسكرات في البريهي والصراري، وصولاً إلى قرض في مديرية حيفان.
 
(ننام على خوف ونصحو على تهديد)، يقول نشوان بجاش من سكان الملاوحة، مؤكداً أن المليشيا حولت الحياة إلى صراع مع الأصوات المدوية ليلاً، والخوف من القادم الذي قد يطرق الباب باسم "الحشد".
 
في منطقة الحصين–ماوية، لم يكن أمام العائلات إلا الفرار... تقول امرأة خمسينية: (قالوا لنا: هذا موقع عسكري.. خرجنا بثيابنا، حتى أواني المطبخ منعونا من أخذها).
 
تجنيد قُصّر، تهجير قسري، عزل مجتمعي ممنهج
 
في قرض–حيفان، يؤكد السكان أن ما يسمى "تدريبات المرابطين" ما هو إلا واجهة لتجنيد القاصرين وتحويل المنطقة إلى ساحة مغلقة لا يمر منها إلا مَن بايع مشروع الجماعة؛ كل منزل يجاور معسكراً بات مشبوها، وأصحابه مهددين.
 
(بيتنا بين معسكرين)، يصف سلطان سيف من خدير الوضع، مشيراً إلى محاصرة قريته بين السقيع ومعسكر البدو: "حتى أولادنا يطلبون منا الرحيل، لكن لا نملك مأوى".
 
من التلقين إلى الجبهة: برنامج تعبئة بطابع طائفي
 
مصادر محلية كشفت أن كل معسكر يُدار بإشراف مباشر من مسؤولي "الحشد والتعبئة" في كل مديرية، ممن يشرفون على التجنيد والدورات الفكرية وتصفية أي ولاء غير موالٍ للمليشيا؛ يتم استهداف خريجي الثانوية والمشاركين في المراكز الصيفية، يُخدعون بوعود التعليم والتوظيف، ويُزجّ بهم في برامج فكرية مغلقة، تعقبها تدريبات ميدانية ثم إرسالهم إلى الجبهات.
 
تعزيزات.. والمعركة القادمة على أبواب تعز
 
المصادر ذاتها تؤكد أن هذا التمدد يأتي في سياق تصعيد عسكري ممنهج باتجاه تعز، خصوصاً في جبهات الريف الغربي والجنوبي.. التحركات والتعزيزات تُنقل من المعسكرات المستحدثة، في ما يبدو وكأنه استعداد لخوض معركة استنزاف طويلة المدى.
 
وبينما تواصل المليشيا تشييد مواقعها وتجنيد القاصرين، يظل المجتمع الدولي متفرجاً؛ بيانات المنظمات الحقوقية تتراكم لكن دون فعل حقيقي، فيما تعيش قرى تعز تحت تهديد يومي، يتحول فيها الريف من حضن زراعي إلى حقل تجارب عسكري، ويُسحب الأهالي من حياة آمنة إلى حياة مؤجلة.

ذات صلة