طبيب يمني يكشف انتهاكات حوثية ممنهجة في القطاع الصحي بصنعاء

  • صنعاء، الساحل الغربي:
  • 09:14 2025/07/22

في مشهد يكشف بجلاء حال الانهيار الذي يعصف بالمؤسسات الصحية في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، فجّرت مصادر موثوقة قنبلة من العيار الثقيل حول الصراع العميق داخل أروقة القطاع الطبي، في ظل اتهامات بالفساد والتعيينات على أساس الولاء وانهيار شبه كلي لخدمات المستشفيات.. وبينما يحتضر المستشفى الجمهوري، خرج طبيب يمني عن صمته كاشفاً عن خمس سنوات من القمع والانتهاكات التي طالت مؤسسته ومهنته وكرامته.
 
الدكتور نضال علي صالح العزب المدير السابق لـ"مؤسسة ثقة للمختبرات الطبية"، أصدر بياناً مؤلماً على صفحته في "فيسبوك" أماط فيه اللثام عن حملة انتقام ممنهجة تعرض لها منذ عام 2022 بدأت بإغلاق مؤسسته ومنعه من مزاولة المهنة، وصولاً إلى تلفيق التهم ومحاولات تكميم فمه.
 
وقال العزب إنه وقع ضحية "عصابة فاسدة" داخل مؤسسات الحوثيين، تعمل في الظل وتستخدم سلطتها لتصفية الحسابات مع المهنيين الشرفاء؛ وأكد أنه يمتلك ملفات موثقة تتضمن أحكاماً قضائية تبرئه ووثائق تُدين المتورطين في استهدافه، مشيراً إلى عزمه كشفها للرأي العام قريباً.
 
وفي مناشدة مباشرة وجهها لزعيم المليشيا، طالب العزب بتشكيل لجنة تحقيق محايدة للنظر في قضيته، قائلاً: "لن أساوم على ضميري، ولا أبيع موقفي الوطني.. أراهن على الكلمة، والحق، والعدالة، وسيبقى الوطن أكبر من كل الطغاة."
 
بالتزامن مع تصريح العزب، أكدت مصادر متعددة وقوع شلل شبه تام في المستشفى الجمهوري بصنعاء –أحد أبرز المرافق الصحية المتبقية تحت سيطرة الحوثيين– نتيجة صراع محتدم بين وزارة الصحة وهيئة الزكاة التابعتين للمليشيا.
 
وقالت المصادر إن قيادات في هيئة الزكاة طالبت بإقالة "محمد جحاف" منتحل صفة رئيس الهيئة، متهمةً إياه بالفساد والتعيينات العشوائية، إلا أن منتحل صفة وزير الصحة الحوثي رفض المطالب، مما زاد التوتر داخل المؤسسة؛ وفي ظل هذا التناحر تم إقصاء الكوادر المؤهلة وتعيين عناصر غير متخصصة، وهو ما فاقم تدهور الخدمات الطبية وأدى إلى تفاقم شكاوى المرضى.
 
وفي بيان رسمي أطلقت إدارة المستشفى الجمهوري تحذيراً صريحاً من "انهيار وشيك" لما تبقى من الخدمات، محملةً مسؤولية ذلك لـ"أصحاب المشاريع الضيقة" الذين يديرون المرفق وفقاً للمصالح والولاءات.
 
كانت المستشفيات الحكومية، وعلى رأسها المستشفى الجمهوري، تُعد من آخر القلاع التي تقدّم خدمات شبه مجانية للمواطنين في صنعاء، لكن تحوّلها إلى ساحات نفوذ وصراعات داخلية، جعلها رهينة لمصالح شخصية ومراكز قوى داخل الجماعة الحوثية.
 
وبحسب المصادر باتت هذه المرافق اليوم مجرد واجهة تجارية تخدم أجندات أمراء الحرب داخل المليشيا، في ظل غياب أي آليات رقابية أو محاسبة، بينما يعاني ملايين اليمنيين من أزمة صحية متفاقمة، يقابلها عجز حوثي فاضح عن تقديم أي خدمات حقيقية.
 
ما كشفه الدكتور العزب، صورة مصغّرة لانهيار مؤسسي شامل يضرب مفاصل الدولة في صنعاء.. فتكميم الأفواه، وتحويل المستشفيات إلى غنائم، والتعامل مع الكوادر الوطنية كأعداء، لا يشي إلا بأمر واحد: وطن يحتضر تحت مشرط لصوص الكهنوت.

ذات صلة