الضربة البحرية الكبرى.. حين انقلبت أدوات إيران إلى سلاح ضدّها

- خاص - الساحل الغربي:
- 02:23 2025/07/19
لم تكن الشحنة التي ضبطتها القوات البحرية للمقاومة الوطنية مجرد طرود أسلحة بل كانت "نعشاً عائماً" لمشروع إيران في اليمن.. 750 طناً من أدوات الخيانة، محمولة فوق أمواج البحر الأحمر، أُعِدّت بدقة من معامل الموت التابعة للحرس الثوري الإيراني، وسلكت الممرات المظلمة كجيفةٍ مسمومةٍ إلى المليشيا التي فقدت كل شيء إلا شهوة التدمير.
كانت الشحنة أكبر من مجرد عملية تهريب، كانت رهاناً أخيراً لإنعاش قلب الحوثي المُنهك، ومحاولة يائسة لبثّ الروح في جسدٍ متهالك.. المفارقة هنا أن السلاح ذاته الذي أرادت إيران أن يكون شريان حياة لمليشياها، تحوّل إلى فأس يُشظّي أوهامها فوق رمال البحر الأحمر.
لقد سقط المركب وسقط معه خطابهم المتعفن.. تلك الأكذوبة القديمة عن "قدرات التصنيع المحلي" تهاوت تحت ثقل الرادارات الإيرانية وأجهزة التتبع والمتفجرات الذكية وطائرات القتل المسيّرة، وكلها محشوة ببراعة داخل غلاف مولدات كهرباء وأجهزة ومعدات مدنية؛ من يُخفي الموت في بطارية لا يبحث عن سيادة بل عن فناء.
كانوا يظنون أن العيون نائمة وأن البحر –كعادتهم– سيبلع الجريمة ويصمت.. لكن ما لم تحسب له طهران، أن هناك أعيناً لا تنام، واستخباراتٍ لا تغفو، وأيادي لا ترتعش؛ منذ اللحظة الأولى كانت شُعبة استخبارات المقاومة تراقب، تُدوّن، وتستعد للضربة... الضربة التي جاءت دقيقة، نظيفة، مدروسة، لتكشف أكثر عمليات التهريب تعقيداً، وتُسقطها في عرض البحر، بعيداً عن أعين أساطيل العالم، ولكن في صميم وجدان اليمن.
ماذا بقي لإيران؟ لقد أنفقت السنين والمال والسلاح، في صناعة أداةٍ انتهت إلى ملف ضبط تهريب بحري، مُوثق بالصور والأرقام والأسماء والاعترافات؛ كل جهاز تنصّت، كل عدسة قنص، كل صاروخ مخبأ داخل "مكينة ضخ"، كان مسماراً جديداً في نعش مشروعها.
أما الحوثي فقد بات أمام مشهد مخزي: الجماعة التي ادعت أنها "تكتفي ذاتياً" تفتضح على رؤوس الأشهاد ككائن أنبوبي، لا يعيش إلا على دعم خارجي مشبوه؛ هذا "التصنيع المحلي" الذي تغنّى به ناطقو الكذب في صنعاء، سقط أمام عدسة الكاميرا حين ظهرت أنظمة صواريخ إيرانية أكثر حداثة مما لدى الجيش الإيراني نفسه.
ولأن الفضيحة لا تأتي وحيدة، فقد جاءت هذه الضربة بعد أسابيع فقط من مزاعم الحوثي بأنه بات يصنع أنظمة دفاع جوي متطورة "داخل اليمن"؛ أي سخرية أكثر من هذا؟ من يُصنّع لا يهرّب، ومن يُقاتل لأجل قضيته لا يختبئ خلف أجهزة تنصت مخبأة في بطارية!
لقد بات واضحاً أن هذه المليشيا ليست أكثر من واجهة مسلحة لمخلب إيراني طويل.. إنها الدمية التي تتكلم بلسان طهران وتقتل بسلاحها وتكذب بكراكتيرها؛ لكن السحر انقلب على الساحر، والموجة التي أرادت إيران أن تسحق بها اليمن، عادت لتغرق مركبها.
ومع ذلك فإن ما جرى لا يُعد فقط نصراً استخباراتياً أو ضربة نوعية، لكنها لحظة فاصلة في مسار المعركة.. فهذه العملية تعني شيئاً أكبر من الشحنة نفسها: إنها إعلان ضمني أن الحوثي قد صار مكشوفاً، ضعيفاً، متخبطاً... وأن المقاومة باتت في موقع المبادرة، لا رد الفعل.
لقد أعلنت المقاومة الوطنية بقيادة العميد الركن طارق صالح، أن زمن التغاضي ولّى، وأن اليد التي تمنع السلاح عن الحوثي، ستنهي معاناة الحرب عن الشعب بأكمله، وستدفن مشروع الكهنوت في مقبرة التاريخ؛ وهذا التحول الكبير، ليس إنجاز أمني فقط، لكنه بداية منعطف استراتيجي يرسم ملامح مشهد جديد، تتساقط فيه أوهام "الذراع الإيرانية" أمام صلابة وواقع قوة وطنية منظّمة، مُسلّحة بالرؤية والوعي، والجاهزية، والاستخبارات الدقيقة.
وهنا، يُطرح السؤال الحقيقي: كم من شحنةٍ أخرى سيُرسلها النظام الإيراني في محاولة يائسة لإنعاش مشروع يحتضر؟ وكم مرة سيغرق النظام الإيراني في هزيمته قبل أن يعترف أن مشروعه يترنح على رمال اليمن؟، حين يُكتشف أن أدواته لم تعد سوى عبءٍ يُعرّيه أمام العالم، وفضيحة تملأ المحيطات بصدى الهزيمة؟
أما اليمني فقد عرف طريقه: لا خلاص إلا بدفن مشروع الحوثي بسلاحه، وردّ الصاع لإيران بصوتٍ يصدح من قلب البحر، ويقول للعالم إن الكرامة لا تُهرّب، ولا تُخزّن داخل حاوية.