في حفل تأبيني استثنائي اتشح بالوفاء أحيت السلطة المحلية بمحافظة ريمة، السبت، أربعينية الشاعر اليمني الكبير ياسين محمد البكالي، في مدينة مأرب بحضور رسمي وثقافي لافت ضم نخبة من الأدباء والمثقفين والشعراء والمهتمين بالشأن الإبداعي، في تأكيد رمزي على أن الكلمة الصادقة لا تموت، وأن القامات الثقافية تبقى خالدة في ذاكرة الشعوب.
وخلال الفعالية أكد محافظ ريمة اللواء محمد الحوري أن الشاعر البكالي شكّل علامة فارقة في مسيرة الشعر الوطني، وترك أثراً عميقاً في وجدان الشعب اليمني، من خلال قصائده التي حملت هموم الوطن ونبض المواطن، مشيداً بدوره التنويري في تثوير الوعي الجمعي وتوجيه بوصلته نحو القيم العليا للحرية والوحدة والكرامة.
من جانبه عبّر وكيل وزارة الثقافة الدكتور عبدالرحمن النهاري، عن الاعتزاز بسيرة البكالي الإبداعية، واصفاً إياه بأنه "الصوت الوطني الحر" الذي غنّى لليمن الكبير في زمن التشظي، وأنشد للحرية في وجه القمع، وسطر هوية الإنسان اليمني حين كادت تتلاشى تحت ركام الانقسامات؛ وقال النهاري: "الوطن كان الكائن الحي الذي يتنفس في قصيدته ويصرخ في مقاله ويئن في وجدانه".
كما أكد العميد أحمد الأشول مدير دائرة التوجيه المعنوي بوزارة الدفاع، أن اليمن فقدت برحيل البكالي أحد أبرز شعرائها في العصر الحديث، مشيراً إلى أن البكالي كتب من القلب للوطن وللوجع وللإنسان، وقدم عبر نصوصه لوحات شعرية نابضة بالجمال والرمز والكرامة الوطنية، وجعل من الكلمة مرآة للذات اليمنية المتأرجحة بين الانكسار والمقاومة.
وفي كلمة أسرته استعرض محمد البكالي، قريب الفقيد، ملامح من حياة الشاعر الإنسانية والإبداعية، مشيراً إلى تفرّده في الجمع بين التراث والحداثة، وحرصه على حمل قضايا الأمة في نصوصه الأدبية؛ وسرد أبرز محطات الراحل في الصحافة الثقافية والمنابر الشعرية، مؤكداً أن الشاعر كان صوتاً نزيهاً لقضايا الوطن والحرية والعدالة.
وشهدت الفعالية تقديم قراءات شعرية مختارة من قصائد البكالي، ألقاها عدد من الشعراء الشباب، إضافة إلى عرض مرئي وثائقي استعرض مشاهد من مشاركات الشاعر في ندوات ومهرجانات داخل اليمن وخارجها، إلى جانب شهادات حية من رفاق دربه وثّقت حكاياته الإنسانية والإبداعية التي ظلت تسكنه حتى اللحظة الأخيرة.
يُذكر أن الشاعر ياسين البكالي وافته المنية مطلع شوال الماضي، مخلفاً وراءه إرثاً أدبياً مشبعاً بالوطنية والوجدان، وغياباً لا يسده إلا الحنين.