11:49 2025/06/19
10:55 2025/06/18
10:23 2025/06/17
حين يتراجع التفوق الإسرائيلي دون النووي ( قراءة في توازن الردع الإيراني)
قبل 5 ساعة و 33 دقيقة
لم تعد المعركة بين إيران وإسرائيل تدور في نطاق الحرب النفسية أو الاستعراضات المحدودة، بل تحولت تدريجيًا – وبوتيرة متصاعدة – إلى حالة من توازن الردع، تعكس تغيّرًا استراتيجيًا في ميزان القوة.
في السابق، كانت إسرائيل تُقدّم نفسها – ويصدّقها كثيرون – كقوة جوية قادرة على الوصول لأي نقطة في المجال الإيراني، بتفوق تقني واستخباراتي مطلق. إلا أن استمرار الرد الإيراني، وعدم قدرة إسرائيل على إيقافه أو احتوائه، يطرح تساؤلات جدية حول مدى فاعلية تفوقها العسكري ما لم يُترجم إلى قدرة على إنهاء قدرة الخصم على الرد.
ان غياب الحسم: كلفة الرد مقابل كلفة الهجوم
حين تصبح المعادلة كالتالي: "تستطيع أن تضرب، لكن لا تستطيع أن تمنع الرد"، فإننا أمام مرحلة جديدة لا تُمكّن أحد الطرفين من فرض الحسم. وفي ظل غياب عناصر جديدة تُرجّح الكفة لصالح إسرائيل، كدعم أمريكي مباشر أو تسليح نوعي أكثر تأثيرًا، يبدو التفوق العسكري بلا معنى حقيقي.
فما فائدة القدرة التدميرية إن لم توقف قدرة العدو على الرد، أو لم تحوّل ردّه إلى عمل غير مؤلم أو محدود الأثر؟
هنا يُطرح خيار تدخل الحليف الأمريكي – أو البريطاني – كـعامل حاسم لتغيير قواعد الاشتباك، وإعادة فرض الهيمنة الجوية أو السيبرانية، أو على الأقل رفع الكلفة على إيران في حال استمرارها بالرد.
إن توقيت هذا التدخل بالذات لا يقل أهمية عن شكله، لأن تأخّره قد يُفقده فعاليته، في حين أن تدخّلًا مبكرًا ومركّزًا قد يقلب موازين الصراع، ويوفّر لإسرائيل غطاءً دوليًا وعمقًا استراتيجيًا افتقدته خلال جولات التصعيد الأخيرة.
العامل الجغرافي والمجتمعي في قلب المعادلة
التفوق الإسرائيلي تقني، دقيق، ومهني، بلا شك، ولكن حين يُقارن بـاتساع الرقعة الجغرافية لإيران، وامتداد نفوذها الإقليمي، يصبح الاختلاف البنيوي واضحًا.
إسرائيل، بحجمها الصغير، وكثافتها السكانية، وتكوينها المجتمعي الهش، تبقى أكثر عرضة للتأثر بأي ردٍّ عسكري مباشر.
بالمقابل، العمق الاستراتيجي الإيراني، واتساع مجال الحركة، يمنحها مرونة وردعًا ضمنيًّا يعقّد خيارات خصومها.
تحوّل استخباراتي وارتباك في الاصطياد
المرحلة الأحدث من المشهد تُظهر أن إيران بدأت فعلاً بإعادة تموضع استخباراتي وأمني.
حملات اعتقال، تتبع خلايا تجسس، كشف عناصر مرتبطة بالموساد، وتحجيم قدرة الخصم على الوصول إلى شخصيات حساسة... كلها مؤشرات على ارتداد استخباراتيّ يمهّد لتقليل الكلفة الداخلية للردود، وبالتالي يعزز من قدرة طهران على الصمود والمبادرة في الوقت ذاته.
ان إطالة أمد المعركة: سلاح في يد طهران
إن إطالة أمد المواجهة لا يبدو – من وجهة نظري – خيارًا مريحًا لإسرائيل، فمع كل يوم إضافي، تنجح إيران في ترميم شبكاتها، تقوية تحالفاتها، وتحسين أدوات الردع لديها.
بينما تزداد الضغوط الداخلية والخارجية على إسرائيل التي لا تملك رفاهية الوقت، لا من حيث الأمن الداخلي، ولا من حيث وحدة الجبهة الداخلية.
التوازن ليس ضعفًا
التوازن لا يعني الضعف، بل قد يكون علامة على نضج حسابات الطرفين.
لكن الأخطر – بالنسبة لإسرائيل – هو أن هذا التوازن بدأ يميل تدريجيًا لصالح خصم صبور، يمتلك أوراقًا منتشرة إقليميًا، ولا يخشى الدخول في معركة استنزاف طويلة.
ما لم يتم إدخال عنصر دولي حاسم في التوقيت المناسب، فإن مجرد التفوق التقني أو امتلاك أدوات الضرب لن يكون كافيًا لتغيير المعادلة، أو فرض الإرادة.