الولاية الحوثية تعلن عن نفسها بلا خجل

- خاص - الساحل الغربي
- 03:57 2025/06/12
قرر القيادي الحوثي حمود شرف الدين أن ينزع القناع نهائياً عن الوجه العنصري لجماعته، ويعترف –بلا حياء ولا خجل– أن الله اختاره هاشمياً، وأن على اليمنيين أن يطيعوه كما يُطاع الإله، لا لشيء إلا لأنه من "العرق المقدّس".. تصريح "شرف الدين" لم يكن زلة لسان ولا انفعالاً مؤقتاً لكنه إعلان صريح ومكتوب لعقيدة حوثية مختومة بدماء اليمنيين وجوعهم وانكسارهم، تنضح بعنصرية لم يعرفها العصر الحديث إلا في أكثر تجاربه ظلاماً.
«أقسم بالله لو كنت قبيلي لأجعل الهاشمي فوق رأسي وأطيعه طاعة عمياء» هكذا قال الرجل وهو يمسك بالقرآن كذريعة، ويستدعي الله كشاهد زور على جريمة سلالية تلبس ثوب القداسة؛ لا فرق بين ما قاله شرف الدين وما كانت تردده أبواق الاستعمار: "اخضعوا، فنحن خُلقنا لنحكم وأنتم لتُقادوا" هو ذات المنطق الفاشي، لكن بنكهة "الزبيب الصعدي" وراية "الصرخة".
لا عجب في ما قاله ولا مفاجأة في أن ينطق السلالي بما يؤمن به سراً كل أصحاب "الدم الأزرق" في كهوف مران؛ فالكارثة ليست في الكلمات ولكن في الجذور: في فكرة أن هناك من يظن نفسه أقرب إلى الله من سائر البشر لمجرد أنه خرج من صلب "الهشاهش".. وهذا الفكر لم يُنتج سوى الخراب والحروب والتجويع والاعتقالات وتفجير المنازل، و"ولاية" تسحق كل من لا يركع أمام صكوك العبودية الحديثة.
الكاتب همدان العليي قرأ المشهد بدقة حين قال إن مثل هذه التصريحات –صادقة كانت أم مدسوسة– تعبّر بجلاء عن العقلية المريضة المتأصلة في كل من يؤمن بخرافة "العترة الطاهرة".. السلالي الحوثي وإن تظاهر بالمدنية أو لبس عباءة السياسة يبقى مؤمناً في قرارة نفسه بأنه فوق الناس، وأن اليمنيين "زنابيل" عليهم أن يسجدوا لآلهة النسب.
ويبدو أن هذه العنصرية ليست محصورة في النصوص لكنها تتجلى أيضاً في الأفعال؛ فصورة شرف الدين وهو يتوسل لتقبيل يد مرافق حسن نصرالله في بيروت، لم تكن مجرد تصرف شخصي مشين بل تعبير مذل عن مدى التبعية المهينة التي بلغها الحوثي تجاه سيده الإيراني.. لقد انحنى رأس العنصري اليمني أمام "العترة" المستوردة من الضاحية، في مشهد يثير القرف أكثر مما يثير الغضب، ويطرح سؤالاً عميقاً: إذا كانت هذه هي كرامتكم أمام الغرباء، فكيف تكون قسوتكم على أبناء وطنكم؟
إن أخطر ما في هذه الحقبة هو محاولات فرض نظام طبقي سلالي باسم الدين، في مجتمع طالما كان أكثر تماسكاً وأشد حرصاً على المساواة.. فمن يقبل اليوم بخرافة "الولي من آل البيت" سيجد نفسه غداً ينام في العراء، بينما "السيد" يعتلي المنبر والبندقية فوق رأس الشعب.
الحوثية ليست حركة سياسية؛ إنها ظاهرة دينية مسلحة متخمة بالخرافة مهووسة بالنسب، لا ترى في المواطن اليمني إلا عبيداً عليهم أن يخدموا مشروع "الولاية" بالروح والدم.. وكل تهاون معها كما قال العليي، هو خيانة للدين وللوطن وللكرامة الإنسانية.
» لا وحدة تُبنى على التمييز
» لا سلام مع فكر يؤمن أن الله يوزّع السيادة والعبودية بالنسب والعرق
» لا وطن مع مرض سلالي يلبس عباءة الوحي ويُحمل على أكتاف الجياع
» ولن يكون لليمنيين مستقبل ما لم يقطعوا هذا الورم الخبيث من جسدهم ويعيدوا الاعتبار لجمهوريتهم المختطفة.
اليوم نحن أمام واجب أخلاقي وتاريخي: إما أن نواجه هذا الكهنوت بتوحدنا ووعينا وأقلامنا وأصواتنا، أو نُساق كما يُساق العبيد إلى عصرٍ مظلم، لا مكان فيه للمواطنة ولا موضع فيه للكرامة، تُختزل فيه حياة اليمني إلى تبعية وخضوع وخرافة.