عامل يعرض منزله للبيع لإنقاذ أسرته ويكشف مآسي الإهمال الحوثي لأبناء الحديدة

- صنعاء، الساحل الغربي:
- 02:03 2025/05/25
كتب المواطن التهامي "عبدالرحمن حمزة" العامل في مستشفى الثورة بمدينة الحديدة، شهادة موجعة تختصر قسوة العيش تحت سطوة المرض والعوز والإهمال، في رسالة مؤثرة نشرها من فناء المستشفى الجمهوري بصنعاء، أعلن فيها عرض منزله للبيع "بأي سعر" لتأمين كلفة علاج أسرته المهددة بالموت، في ظل تجاهل تام من سلطة الكهنوت.
حمزة استعرض محطات أليمة من سنوات المعاناة بدءاً من إصابة ابنه البكر "الدكتور حمزة" بمرض وراثي يسبب تكسّر الدم، أعقبه شقيقاه بنفس المرض، ثم إصابة ابنه "محمد" بحادث مروّع أدى إلى كسر مضاعف في فخذه وركبته - خضع بعده لخمس عمليات فاشلة انتهت بتوصية طبية بإجراء عمليتين معقدتين بكلفة ثلاثة ملايين ريال، محذّرين من خطر بتر القدم في حال التأخير.
ورغم توسلاته المتكررة لم يلقَ سوى الوعود الباهتة من سلطة الكهنوت، فيما حاول المحافظ المعين من قبل المليشيا محمد عياش قحيم التواصل مع وزارة الصحة، دون أي نتائج ملموسة؛ أما هيئة الزكاة التابعة للحوثيين فالتزمت الصمت تجاه صرخاته، في ما اعتبره حمزة دليلاً على نظرتهم الدونية لأبناء تهامة، قائلاً إنهم يُعاملون كمواطنين "من الدرجة الرابعة".
ولم تتوقف المآسي عند أبنائه إذ أصيبت زوجته بجلطة حادة تسببت في توقف رئتها اليمنى عن العمل وخضعت لعمليتين عاجلتين، بينما أُصيبت طفلته الصغرى ذات العامين بتكسرات دموية نتيجة صدمتها النفسية وحرمانها من والدتها.
ورغم أنه عمل منذ سن الرابعة عشرة ورفض طوال حياته الاستجداء، اضطر عبدالرحمن أخيراً إلى بيع منزله في شارع المعدل بمدينة الحديدة لإنقاذ أسرته، مؤكداً أن لا شيء أغلى من حياة زوجته وأطفاله.. كتب: "أنا لا أستجدي، أنا أقاتل من أجل حياة من أحب".
وفي وجه التمييز والإهمال والتجويع الممنهج يتمسك عبدالرحمن بكرامته محوِّلاً وجعه إلى صرخة تخرق جدار الصمت. لا يستجدي صدقة ولا يطلب شفقة ولكن يصرخ بكرامة من يرفض أن يُدفن حيّاً في وطنه... قضية عبدالرحمن ليست استغاثة بقدر ما هي إدانة دامغة لجماعة إرهابية اختارت أن تترك المواطنين يموتون ببطء؛ وبينما يبيع منزله لإنقاذ أسرته، يفضح منظومة لا ترى الإنسان إلا رقماً في دفاتر الجباية... قصة عبدالرحمن ليست نداءً بقدر ما هي وثيقة إنسانية نازفة تُكتب بدم وكرامة عن شعب يُذبح كل يوم على مرأى من العالم، بصمتٍ مدوٍ.