إعادة بناء هيئة أراضي الدولة بالضالع.. تجربة مؤسسية نادرة تُبعث من تحت الركام وتواجه خطر الانهيار

  • الضالع، الساحل الغربي، علي عميران:
  • قبل 16 ساعة و 33 دقيقة

شكّلت تجربة إعادة بناء فرع الهيئة العامة للأراضي والمساحة والتخطيط العمراني بمحافظة الضالع أنموذجاً استثنائياً لإحياء مؤسسة دولة كانت غائبة كلياً منذ عام 2011، وخارجة عن الخدمة تماماً عقب تدمير مقرها ونهب وثائقها وتشتت كادرها بعد 2015.
 
فمع تولي المهندس عبدالباسط الدكيم إدارة الفرع، لم يكن هناك كيان فعلي، بل مؤسسة مدمرة بلا مقر أو وثائق أو إيرادات، إلا أن الإدارة الحالية خاضت معركة إعادة التأسيس من الصفر، بإمكانات شبه معدومة ودون أي موازنة تشغيلية.
 
وتمكنت الهيئة من استعادة نسبة كبيرة من وثائق ومخططات الدولة المنهوبة بجهود ميدانية وقانونية شاقة؛ وإعادة لم شمل الكادر الفني والقانوني والإداري بعد سنوات من الانقطاع؛ واستئجار وتأهيل مقر جديد وتجهيزه بجهود ذاتية دون موازنة تشغيلية؛ وإعادة بناء الأرشيف والذاكرة المؤسسية، وإنشاء قاعدة بيانات للقضايا والأراضي؛ وإعادة بسط ولاية الدولة على أراضيها، وإجراء مسوحات ميدانية وتصنيف الأراضي، ومعالجة التوسع العشوائي.
 
وحقق الفرع خلال السنوات الماضية إنجازات نوعية. أبرزها، «قانونياً» تفعيل الضبط القانوني، وتحرير مئات المحاضر، وتحريك 15 قضية جنائية و6 قضايا مدنية، واستعادة مساحات من أراضي الدولة؛ «فنياً وتخطيطياً» إعداد مخططات للتوسع العمراني، ومعالجة عشوائيات، وتنظيم الشوارع العامة؛ «إدارياً» إعادة تنظيم الإدارات وبناء منظومة أرشفة حديثة؛ «إيرادياً» رفع الإيرادات وتسليمها لمكتب المالية بشفافية؛ «مؤسسياً ومجتمعياً» استعادة ثقة المواطنين وتحويل الفرع من جهة غائبة إلى جهة منظمة وحاكمة.
 
غير أن هذه النجاحات باتت مهددة، في ظل ما وصفه الفرع بالتلاعب الخطير بمحررات الضبط، ومحاولات إفراغها من قوتها القانونية، بما يهدد هيبة الدولة وحماية المال العام، إلى جانب غياب الدعم المؤسسي من رئاسة الهيئة، خصوصاً في الجوانب القانونية والتشغيلية والأمنية، بالإضافة إلى تعطل السلسلة القانونية (الضبط – الإحالة – المتابعة – التنفيذ)، ما ينذر بانهيار تدريجي للمنظومة وعودة الفوضى العمرانية.
 
وحذر فرع الهيئة في الضالع، من أن استمرار هذا الوضع سيؤدي إلى ضياع أراضي الدولة وتقويض هيبة القانون، مؤكداً أن خيار إيقاف العمل أو الاستقالة أصبح مطروحاً لحماية المال العام والكادر.
 
وطالب الفرع بدعم عاجل يشمل تعيين محامين، وحماية محررات الضبط، وتوفير موازنة تشغيلية ووسائل نقل، وتأمين النزولات الميدانية، وتعزيز التنسيق مع القضاء والأجهزة الأمنية لتنفيذ قرارات الدولة.
 
وأكدت الإدارة أن ما تحقق خلال السنوات الماضية يمثل «بعثاً لمؤسسة دولة من تحت الأنقاض»، محملة الجهات العليا مسؤولية أي انهيار محتمل في حال استمرار الصمت الرسمي.

ذات صلة