عبس.. مدينة النازحين التي ينهشها الجوع وتبتلعها معركة المساعدات

- عدن، الساحل الغربي:
- 01:13 2025/08/18
أطلق صندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA) تحذيراً شديد اللهجة من "مجاعة حقيقية" تهدد عشرات الآلاف من النازحين في مديرية عبس بمحافظة حجة شمال غربي اليمن، حيث يواجه أكثر من 41 ألف إنسان خطر الموت جوعاً مع توقف المساعدات الإنسانية وتراجع التمويل الدولي.
ويعيش في عبس بحسب الصندوق الأممي، ما يزيد عن 220 ألف نازح، يشكّل النساء والأطفال منهم أكثر من 80% هؤلاء وجدوا أنفسهم منذ مارس/آذار الماضي بلا غذاء طارئ ولا دعم إغاثي بعد أن أُغلقت أبواب المساعدات في وجوههم.
تفيد تقارير ميدانية أن أغلب الأسر النازحة باتت تضطر إلى تقليل وجباتها اليومية أو بيع ما تبقى من ممتلكاتها الهزيلة لتأمين الطعام، فيما يلجأ آخرون إلى الاقتراض أو التسوّل؛ والنتيجة أن مئات الأطفال ينامون كل ليلة جائعين، بينما يسجَّل بين الحين والآخر موت مباشر بسبب الجوع، كما حدث مؤخراً مع الطفلة النازحة "أشواق علي حسن مهاب" التي فارقت الحياة في يوليو/تموز الماضي، لتصبح وجهاً جديداً يضاف إلى مأساة متكررة.
النظام الصحي في المديرية ليس أفضل حالاً؛ إذ يعمل ربع المرافق فقط وبأدنى طاقتها، فيما تعتمد المخيمات الكبرى على عيادات متنقلة لا تكفي لتغطية أبسط الاحتياجات الطبية.
ورغم أن نقص التمويل الدولي يمثّل أحد الأسباب الجوهرية للأزمة، إلا أن معاناة النازحين في عبس تتضاعف بفعل تلاعب الحوثيين بالمساعدات الإنسانية؛ فبحسب تقارير منظمات محلية ودولية، جرى تحويل كميات كبيرة من المواد الإغاثية إلى الأسواق لبيعها بأسعار باهظة، أو توزيعها على أساس الولاء السياسي والعسكري، ما حرم آلاف العائلات الأشد احتياجاً من أبسط حقوقها الغذائية.
وتشير شهادات نازحين إلى أن بعض المخيمات لا يصلها شيء من المساعدات إلا عبر وسطاء يفرضون شروطاً أو مقابلاً مادياً، في حين تُستخدم قوائم المستفيدين أحياناً أداة للضغط والتجنيد أو المكافأة؛ هذا الواقع حوّل الإغاثة من شبكة أمان إنساني إلى ورقة نفوذ في يد المليشيا.
تمثل مأساة عبس نموذجاً مكثفاً لما يواجهه ملايين النازحين في اليمن، حيث يقف المجتمع الدولي عاجزاً عن توفير التمويل الكافي، فيما تستغل جماعة الحوثي المساعدات كسلاح للسيطرة والتحكم؛ والنتيجة: جيل من الأطفال ينمو في بيئة من الجوع والمرض –بلا تعليم ولا أمان– فيما تتلاشى آمال الأمهات في إنقاذ أسرهن.
يحذر صندوق الأمم المتحدة للسكان من أن التقاعس الدولي عن التدخل سيترك مئات الآلاف في مواجهة موت بطيء، داعياً المانحين إلى ضخ تمويل عاجل لتأمين الغذاء والصحة والتعليم والحماية.. لكن حتى في حال توفّر الدعم، يبقى التحدي الأكبر هو ضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيداً عن شبكات الفساد والاستغلال الحوثية التي تحيط بها.