02:32 2025/09/07
06:53 2025/09/05
07:17 2025/09/03
ما وراء التصريحات الروسية حول ضرورة التسوية في اليمن
09:36 2025/08/08
هذه التصريحات الروسية تجعلنا نثير التساؤلات ونحلل خلفيات و تدعيات هذه الدعوات والتصريحات وكما يلي:
1. الأبعاد السياسية والإنسانية:
ترى روسيا في السلام السياسي المخرج الوحيد من الحرب اليمنية، داعية بوضوح لاستئناف المفاوضات تحت رعاية الأمم المتحدة، ووقف التصعيد، وضمان وصول المساعدات، لكنها تخفي خلف هذه اللغة الدبلوماسية مصالحها وصراعها مع الغرب، وهذه الرسائل تهدف لتقديم موسكو كوسيط عقلاني، رغم أن المؤشرات تكشف عن أجندة صراع أوسع تتجاوز اليمن (russiaun.ru, presstv.ir, en.abna24.com)
2. النفوذ الجيو–استراتيجي:
يحتل اليمن موقعًا استراتيجيًا على مضيق باب المندب، الرابط بين المحيط الهندي والبحر الأحمر، وهو شريان حيوي لشحن النفط والغاز نحو البحر المتوسط عبر قناة السويس، فموسكو تدرك أهمية هذا الممر، وتسعى لتعزيز حضورها في المنطقة، بما في ذلك توسعها في السودان بقاعدة بحرية قرب بورتسودان، ما يمنحها موطئ قدم في قلب البحر الأحمر.
3. الصراع البحري الأمريكي–الروسي:
في ظل الهجمات الحوثية على الملاحة، أطلقت واشنطن عمليات بحرية مثل Operation Prosperity Guardian وCombined Task Force 153 لتأمين السفن وحماية حرية الملاحة. في المقابل، كشفت تقارير غربية أن روسيا زوّدت الحوثيين ببيانات استهداف عبر أقمار صناعية، مكّنتهم من ضرب سفن في البحر الأحمر، ما شكّل ضغطًا على واشنطن وشتّت تركيزها عن أوكرانيا. (Source: Wall Street Journal)
4. استمرار التصعيد والتحديات الأمنية:
تصاعدت هجمات الحوثيين على السفن، ما دفع شركات شحن كبرى مثل Maersk وMSC إلى تجنب المرور بالبحر الأحمر والالتفاف حول رأس الرجاء الصالح رغم زيادة كلفةالنقل، مما أضر بالتجارة العالمية. استهدفت الجماعة أكثر من 80 سفينة خلال عام، ما أثار مخاوف من تعطيل إمدادات الطاقة. رغم أن مجلس الأمن أقر القرار 2722 لوقف هذه الهجمات، امتنعت روسيا عن التصويت، مفضلة التهدئة الدبلوماسية.
وفي هذا السياق، شدد العميد طارق صالح، قائد قوات المقاومة الوطنية ونائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، على كذب الحوثيين بادعاء تصنيع السلاح ونصرة غزة، مؤكدًا بالأدلة أن إيران هي من تزودهم بالسلاح وتنفذ الهجمات في البحر الأحمر وعلى دول الجوار (مصدر: تصريحات إعلامية للعميد طارق صالح وبيانات المقاومةالوطنية).
5. الخلفية الأيديولوجية والعلاقات الخفية:
يرى المحلل الروسي ألكسندر دوغين الحوثيين كجزء من تحالف "أوراسيا" المناهض للهيمنة الغربية، ما دفع موسكو لفتح قنوات اتصال تقنية وعسكرية معهم، شملت تزويدهم بخطط بحرية ودعم لوجستي، بهدف إضعاف النفوذ الأمريكي وحلفائه في الممرات الدولية.
6. الحرب الروسية–الأوكرانية وتغير الموقف الأمريكي:
مع وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الحكم، تغيرت المقاربة الأمريكية من السعي للضغط على أوكرانيا لقبول تسوية مهينة مع روسيا، إلى انتهاج سياسة أكثر تشددًا تجاه موسكو.
حيث نجد ان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب صعّد من لهجته، مهددًا بوتين بإجراءات اقتصادية وعسكرية قاسية، وداعمًا لتعزيز الوجود العسكري الأمريكي في البحر الأحمر وبحر العرب، بهدف تطويق النفوذ الروسي وإغلاق أي منافذ أمامه نحو المياه الدافئة. (مصادر: foreignpolicy.com, reuters.com)
7. الصراع على الممرات البحرية:
البحر الأحمر وخليج عدن أصبحا مسرحًا لمنافسة أمريكية–روسية حادة. واشنطن تعتبرهما جزءًا من استراتيجية "حماية سلاسل الإمداد العالمية"، بينما تنظر موسكو إليهما كبوابة لكسر الحصار الغربي عليها، وتأمين ممرات تصدير الطاقة عبر الجنوب العالمي.
اليمن وبما يمتلكه من مقومات كبيرة اصبح هدفا للصراع الروسي الأمريكي وكذلك صراع المصالح والحرب الاقتصادية الأمريكية الصينية، فاليمن بموقعه الجغرافي الاستراتيجي، أصبح ورقة مركزية في هذا الصراع، مما يفسر الاهتمام الروسي الظاهري بـ"التسوية" كمدخل لتحقيق مكاسب جيوسياسية أوسع.
8. الخلاصة:
تصريحات روسيا عن التسوية في اليمن ليست مجرد دعوة للسلام، بل جزء من لعبة جيوسياسية ممتدة من كييف إلى صنعاء، ومن البحر الأسود إلى باب المندب، و موسكو توظف الحوثيين والممرات البحرية لمواجهة الضغوط الغربية، وواشنطن ترد عبر التحالفات البحرية والسيطرة على النقاط الاستراتيجية. في قلب هذا المشهد، يبقى اليمن ساحة مفتوحة لتقاطع النفوذ الدولي والإقليمي.
أ.د. عبدالوهاب العوج
أكاديمي ومحلل سياسي يمني