تحسن الريال اليمني يُشعل حملة حكومية موسعة لضبط الأسواق وتفعيل أدوات السيادة الاقتصادية (رصد الأربعاء)

  • عدن، الساحل الغربي:
  • 12:11 2025/08/07

تواصل الحكومة والمجلس الرئاسي حملة شاملة وواسعة لضبط الوضع الاقتصادي والمالي، عقب التحسن الملحوظ الذي شهدته العملة الوطنية خلال الأسبوع الماضي، في مقابل العملات الأجنبية.. التحسن الذي اعتُبر بمثابة "نافذة أمل" جاء تتويجاً لتكامل السياسات النقدية والمالية، ليفتح المجال أمام جملة إجراءات رسمية استثنائية تستهدف ضبط الأسواق وكبح التضخم وتعزيز ثقة المواطن بالدولة.
 
في اجتماع مجلس الوزراء المنعقد الأربعاء في العاصمة المؤقتة عدن، برئاسة رئيس الحكومة الدكتور سالم صالح بن بريك، ناقشت الحكومة تأثير تحسن سعر صرف الريال، مؤكدة أن "ترجمة هذا التحسن إلى واقع معيشي للمواطنين أولوية وطنية لا تقبل التراخي".
 
وأكد بن بريك أن هذا الإنجاز جاء ثمرة لسياسات نقدية ومالية متكاملة، مشدداً على ضرورة اتخاذ إجراءات رقابية حاسمة بالتعاون مع البنك المركزي، لضبط أسعار السلع والأدوية والخدمات، ومكافحة الاحتكار والمضاربة.
 
ووجّه رئيس الوزراء السلطات المحلية بحملات تفتيش ورقابة تموينية مكثفة، داعياً إلى التنسيق الكامل بين الجهات المختصة لضمان التزام التجار بهوامش ربح منصفة، وتخفيضات فعلية تنعكس مباشرة على حياة المواطنين.
 
بالتزامن، التقى محافظ البنك المركزي أحمد غالب، بقيادات البنوك لمناقشة آلية تنظيم تمويل الاستيراد وتعزيز الدور الوطني للبنوك التجارية والإسلامية؛ وأكد غالب ضرورة مكافحة الأنشطة غير القانونية، مشيراً إلى أن "أعمال التخريب" التي استهدفت بعض فروع البنوك والصرافات ستواجه بردّ أمني وقضائي حاسم.
 
في السياق، أصدر البنك المركزي قراراً بإغلاق منشأة "تبوك للصرافة" بعد ثبوت مخالفتها، كما أغلقت لجنة مشتركة في مأرب 13 شركة صرافة مخالفة، في خطوة تهدف لتصفية السوق المصرفي من المتجاوزين.
 
وفي محافظة شبوة، شدد المحافظ عوض بن الوزير خلال اجتماع مع قادة القطاعين المصرفي والتجاري على أهمية الالتزام بالإجراءات الحكومية، محذراً من أي محاولة للتحايل، بينما أكد مديري الأمن والصناعة والتجارة تكثيف الرقابة على الأسواق.
 
وفي حضرموت، اتخذت السلطات إجراءات صارمة ضد التلاعب بسوقي الصرف والدواء.. فقد ترأس الوكيل العامري اجتماعاً موسعاً لمناقشة آليات ضبط سوق الصرف، بينما أغلقت لجنة رقابية 13 وكالة دوائية في المكلا لمخالفتها التسعيرة الجديدة.
 
وفي الحديدة، دعا المحافظ الحسن طاهر التجار وملاك المصانع في المناطق المحررة إلى الالتزام بالتسعيرات العادلة، ووجّه بتكثيف الحملات الرقابية، وتشكيل جمعية لأصحاب الأفران لضبط سعر وحجم "الروتي"، مشدداً على أن "قوت المواطن خط أحمر".
 
أما في المهرة، فقد أقرت لجنة الرقابة برئاسة أمين عام المجلس المحلي سالم نيمر، تنفيذ حملات أمنية لضبط المتلاعبين أمام محلات الصرافة، وإغلاق أي منشآت غير مرخصة، إلى جانب توجيه خطباء المساجد للمساهمة في التوعية الاقتصادية.
 
منظمات المجتمع المدني في محافظة تعز أصدرت بياناً عبّرت فيه عن دعمها الكامل لإجراءات البنك المركزي، معتبرة أن المعركة الاقتصادية لا تقل أهمية عن المعركة العسكرية ضد الحوثيين؛ وطالبت الحكومة بتعزيز الشفافية وتوسيع الرقابة المجتمعية وضمان توريد الإيرادات للبنك المركزي.
 
دولياً، جددت سفيرة المملكة المتحدة لدى اليمن عبدة شريف، دعم بلادها لاستقلالية البنك المركزي، مشيرة خلال لقائها بمحافظ البنك المركزي إلى أهمية تنفيذ إصلاحات اقتصادية عاجلة تعزز الاستقرار.
 
في الوقت ذاته، أطلع رئيس الوزراء أعضاء الحكومة على نتائج مباحثاته مع سفيرة بريطانيا والقائم بأعمال سفير الصين، واللتين ركزتا على فرص التعاون الاقتصادي، ودفع الاستثمارات في القطاعات الحيوية.
 
المشهد العام يشير إلى أن الحكومة تُراهن على هذا التحسن كمنصة لإعادة الإمساك بأدوات السيادة الاقتصادية تدريجياً؛ ووفق محللين فإن النجاح في هذه المعركة الاقتصادية يتطلب جهداً متواصلاً من كافة المؤسسات، واستمرار الرقابة دون تسييس أو فساد، وتوفير بيئة استثمارية آمنة تسهم في ترسيخ الاستقرار النقدي.
 
وفي ظل هذه التحركات، يتساءل المواطنون عن مدى قدرة الحكومة على تثبيت هذا التحسن وتحويله من مكسب مؤقت إلى واقع دائم، من خلال خفض فعلي للأسعار وتعزيز الرقابة والحد من التلاعب وخلق بيئة اقتصادية تستجيب لاحتياجاتهم وتطلعاتهم.
 
وأمام هذه الإجراءات، تبقى الكرة في ملعب السلطات التنفيذية والمحلية والرقابية، لضمان استدامة التعافي الاقتصادي وتحويل "التحسن المرحلي" إلى استقرار حقيقي في حياة اليمنيين.. وبين الطموح والواقع، يبقى الالتزام الجاد والرقابة المستمرة السبيل الوحيد لإنقاذ الاقتصاد الوطني من براثن الانهيار.

ذات صلة