هجمات الحوثي في البحر الأحمر... نتائج عكسية أضرت بالقضية الفلسطينية وأثقلت كاهل مصر واليمن

  • وليد العَمْري - الساحل الغربي:
  • 01:17 2025/05/29

شهد البحر الأحمر تحوّلًا خطيرًا منذ أواخر عام 2023، حيث تحول من ممر تجاري هادئ إلى ساحة مفتوحة للتوترات العسكرية، جراء الهجمات الحوثية على السفن التجارية الدولية، بذريعة الضغط على إسرائيل لوقف حربها وحصارها المفروض على قطاع غزة. 
 
ورغم تبني المليشيا المدعومة إيرانياً، لهذه العمليات تحت شعار دعم القضية الفلسطينية، إلا أن تداعياتها الميدانية والإنسانية والسياسية جاءت معاكسة، وألحقت أضرارًا جسيمة بمحيطها الإقليمي، وعلى رأسه مصر واليمن، فضلًا عن إضعاف التعاطف الدولي مع غزة.
 
ردًّا على تصعيد الهجمات البحرية، سارعت الولايات المتحدة وعدد من حلفائها إلى تعزيز حضورهم العسكري في البحر الأحمر، ونشروا حاملات طائرات ومدمرات بحرية بزعم حماية خطوط الملاحة الدولية، وقد أدى هذا الانتشار إلى عسكرة البحر الأحمر ومضيق باب المندب بصورة غير مسبوقة، وأغلق الباب أمام أي جهود دبلوماسية لحلحلة الأزمة، مما زاد من مخاطر الانزلاق إلى صراع أوسع في هذه البقعة الحيوية.
 
وتحت غطاء حماية الممرات البحرية، استغلت الولايات المتحدة وإسرائيل التصعيد لتوسيع نفوذهما العسكري في الجزر اليمنية ذات الأهمية الجيوسياسية، مثل جزيرتي بريم وسقطرى، وهو التوسع الذي أثار قلقًا بالغًا في الأوساط اليمنية والعربية بشأن السيادة الوطنية، لا سيما في ظل ضعف السلطة الشرعية.
 
على الصعيد الحقوقي، اسهمت هجمات مليشيا الحوثي إلى حدٍ كبير في تقويض التضامن الدولي مع سكان غزة. فبينما كانت المظاهرات تتسع في العواصم الغربية دعمًا للفلسطينيين، تحوّلت الأنظار إلى تهديدات الملاحة والأمن العالمية في البحرين الأحمر والعربي ومضيق باب المندب، لتخسر القضية الفلسطينية كثيرًا من الزخم الشعبي والحقوقي، وتُمنح إسرائيل فرصة لتصوير نفسها كضحية لهجمات غير مبررة.
 
لم تكن مصر بعيدة عن الأضرار، إذ أُجبرت غالبية السفن التجارية على تحويل مساراتها نحو رأس الرجاء الصالح، متجنبةً المرور عبر قناة السويس، ما تسبب بانخفاض حاد في الإيرادات بلغت نسبته نحو 60% خلال عام 2024، حيث تراجعت من 10.25 مليار دولار في عام 2023 إلى 3.99 مليار دولار فقط. 
 
وبحسب خبراء اقتصاديون، هذا الانخفاض انعكس بشكل مباشر على الاقتصاد المصري، الذي يعتمد على عائدات القناة كمصدر أساسي للعملة الصعبة.
 
رد عنيف وممنهج
 
وفي اليمن، جاء رد كيان الاحتلال الإسرائيلي عنيفًا وممنهجاً، إذ شنت طائراته غارات على منشآت حيوية شملت مطارات وموانئ صنعاء والحديدة، متسببةً بتدمير البنية التحتية التي بنيت منذ عقود. 
 
ووفقاً للتقارير الإقتصادية، فاقمت هذه الهجمات من الأزمة الإنسانية، وأدت إلى ارتفاع كبير في أسعار السلع وتدهور مستوى الخدمات الأساسية، ما ضاعف من معاناة السكان الذين يرزحون تحت حرب طاحنة منذ انقلاب المليشيا على النظام الشرعي في 21 سبتمبر/ أيلول 2014، واجتياح العاصمة صنعاء،وء التمدد باتجاه بقية المحافظات.
 
ويرى مراقبون، أن الهجمات الحوثية، رغم شعاراتها المعلنة، أدت إلى نتائج عكسية على المستويين الإقليمي والإنساني، وأسهمت في عسكرة البحر الأحمر، وتمكين قوى أجنبية من فرض نفوذها في الجغرافيا اليمنية، وتكبيد مصر خسائر اقتصادية ضخمة، في الوقت الذي لم تُسجل فيه إسرائيل أي خسائر بشرية تُذكر. 
 
كما انعكست هذه النتائج على غزة نفسها، حيث انخفضت موجات التضامن مع سكانها، وتراجعت فرص الحلول السلمية، لتبقى شعارات "نصرة القضية الفلسطينية" حبراً على ورق.

ذات صلة